مهرجان دبي الدولي للشعر... (1)

14:08 مساء
قراءة دقيقتين

لا يستطيع أحد أن يقول بأن مهرجان دبي الدولي للشعر، الذي انعقد في دبي بين 4 و10 مارس/ إبريل ،2009 لم يكن موفقاً أو ناجحاً بمقاييس كثيرة.. وإذا تخلل شيء من الارتباك ترتيب بعض الأمور هنا وهناك تلك المصاحبة للمهرجانات الكبيرة، فذاك أمر طبيعي، ففي فعاليات بهذا الحجم وبالأعداد الهائلة من الناس الذين ارتادوا هذه الفعاليات، ولأول مرة، فإن وقوع ارتباك لا يكون شيئاً غير عادي.. وفي رأيي.. أنه لم يكن بالإمكان تجنب هذا الارتباك أمام الحشد الهائل الذي جاء إلى دبي.

وفي اعتقادي أنها تجربة حميدة، وسوف يتم اجتناب الهنات والسلبيات في المرات القادمة نتيجة للمكتسبات من التجارب..

هذا المهرجان، وهذا الكم الهائل من الذين أتوا من كل حدب وصوب، يعطي مثالاً حياً على مكانة دبي، ليس كمركز عالمي للتجارة والاقتصاد والخدمات الاجتماعية والسياحية فقط، ولكن كمركز للثقافة والابداع الثقافي الذي يمثل الشعر جانباً مهماً من جوانبه.. ومن الجيد أن هذا المهرجان يتسم بالطابع الحضاري الانساني والأممي، حيث كان المشتركون أدباء وشعراء من عديد من الجنسيات والأعراق، واختلف هذا المهرجان عن كل مهرجانات الشعر التي تقام هنا وهناك، والتي كان لها وما زال طابع محلي واقليمي محض، وفيها يعلو صوت التفاخر القبلي الأجوف وكذلك الألفاظ والمعاني الممضوغة والمكررة وغير ذات أية فائدة، وكذلك لا تفيد الثقافة الإماراتية والشعر الاماراتي بشيء.. وعندي أن المشرفين على هذه المهرجانات عديمة الفائدة، لا يحسنون عملاً إذا لم يحاولوا تغييراً في مستوى ومناهج هذه المهرجانات الصاخبة وذات القرقعات الصوتية الجوفاء.

ومن الأهمية بمكان أن يأتي هذا المهرجان، مهرجان دبي للشعر، في وقت مناسب، يسود العالم فيه توتر نفسي بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وما فيها من الهم والغم.. ويبقى الشعراء وحدهم، ويبقى الشعر وحده، عاملاً كبير الأثر في التخفيف من وطأة هذه الأزمة، فالنفوس الملأى بالتبعات تحتاج منا إلى أن نركن بها ولو لسويعات إلى الرومانسية، وإلى الحب، وإلى العواطف وإلى ما يثير لدينا الرغبة في الخروج من حالة العبوس والشرود الذهني، إلى عالم من السكينة والرضا وانفتاح أسارير القلوب..

في هذا المهرجان كنت تشاهد نسيجاً من أناس تختلف مشاربهم ونحلهم وألسنتهم وأهواؤهم، واتجاهاتهم الثقافية والسياسية، ولكنهم كانوا جميعاً يتجهون اتجاهاً واحداً، وهو الاستقاء من مورد الشعر، وما في الشعر من الدفق العذب والمريء، فهم لهذا مجتمعون وقلوبهم تهفو إلى ما هم مجتمعون من أجله، وهو الشعر.. ولو سألت كل واحد من هؤلاء عن رأيه في الشعر وما في الشعر من مشاعر ومن الروح الانسانية، لكانت الإجابة واحدة.. ولقال الجميع: إن الشعر امتزاج بين الأرواح والمشاعر والأحاسيس في كل مكان، وأن المجتمعات التي لا تقول الشعر، أو لا يعيش بين ظهرانيها الشعراء ولا تستسيغ الشعر، هي مجتمعات جافة الطباع، وتفتقر إلى معرفة تراكيب الكلام الفني الجميل، وبينها وبين معالم السمو الروحي انقطاع..

وللحديث صلة غداً إن شاء الله

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"