مجمع اللغة.. وجه الحياة

02:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة عن إقامة مجمع للغة العربية، ليكون عوناً ومسانداً للمجامع العربية في مختلف أقطار العالم العربي، تظهر بوضوح مدى التحام سموه بماء اللغة، وإحساسه المرهف بجمالها، وحساسيته النقدية تجاهها، وما تتعرض له من إهمال في هذا العصر، وليس غريباً على سموه أن يدافع ويذود عنها ويهيئ لها السبل التي تعيد إليها الحيوية والتجدد والانطلاق، وجاءت هذه المبادرة اللمّاحة من سموه بعد أن أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بمنح سموه العضوية الفخرية في مجلس اللغة العربية التي تعد الأولى من نوعها في هذا المجمع، تكريماً لدوره الفاعل في حماية اللغة العربية، فالشارقة كانت ولا تزال هي الوجه المشرق الذي يحتضن المهرجانات الشعرية الكبرى، والمؤتمرات الأدبية العالمية، وتتفاعل بصورة لافتة مع أوجه الإبداع العربي، وفي هذه الأرض الطيبة التي تتنفس لغة شائقة، ورحيقاً لغوياً عذباً، أمر سموه أن يكون هذا المجمع الذي سيقام في إمارة الشارقة معيناً وسنداً لكل المجامع العربية في مختلف الأقطار العربية، هذه الخطوة من شأنها أن تسهم في تطوير هذه المجامع، وتبث فيها الروح من جديد، على الرغم من أن أكثرها لا يتوقف عن العمل، ولكن الدعم مطلوب من أجل الاستثمار في مجال يعد من أخصب المجالات في حياتنا، في ظل التراجع الذي تشهده البلدان العربية في نسبة تعلم أصول اللغة العربية بالشكل السليم، فضلاً عن مشكلات النطق التي يتعثر فيها أبناء العربية، فيغلب على لهجتهم اللحن، ومن ثم عدم القدرة على التحدث بألفاظ عربية بسيطة.
ومما لا شك فيه أن الجميع يترقب في الفترة المقبلة كيف سيكون عمل مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة، وأنواع الدعم التي من الممكن أن يقدمها إلى كل المجامع العربية، والحقيقة أنني أتصور المستقبل الآن، وأراه مفعماً بالأمل، وأشعر أن المجمع الجديد سيكون له بالغ الأثر في الحياة العربية بوجهٍ عام، وفي عمل تلك المجامع، حيث ستتسع رقعة الأبحاث العلمية، ومن ثم تتحد في مشكلات التعريب، وتضع آلية من أجل النهوض باللغة العربية على المستويات كافة، وهو ما يحدث حالة من الثراء الفكري والذي سيؤدي في نهاية الأمر إلى وضع حلول مستقبلية لحالة الوهن التي أصابت أبناء العربية في مقتل، خصوصاً أن الكثير من الدول الغربية تعمل في الوقت الراهن على الحفاظ بقوة على الروابط القومية التي تجمع أبناء الأمة الواحدة التي تتمثل في اللغة، سواء المكتوبة أو المنطوقة، وهو ما يجعلنا نفكر بجدية من خلال إنشاء هذا المجمع اللغوي في الشارقة إلى أن نحلم بأن يكون للغة العربية حضورها المبهر، ليس فقط في المدارس والجامعات، ولكن بين المجالس التي تجمع الأبناء بالآباء، وأن يكون لها حضورها المشرق أيضاً في الحوار الذي يدور بين أبناء العربية في الشارع أو في الأسواق أو في مؤسسات العمل العام والخاص.
إنني أؤمن إيماناً قاطعاً بأن عمل المجمع اللغوي الجديد في إمارة الشارقة والذي يحظى بالرعاية الكاملة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لن يكون تقليدياً، لكنه سيكون نموذجاً يحتذى به، وخطوة للأمام تسهم في تجديد ماء اللغة، وتفعيل الكثير من المبادرات التي أطلقت في السابق في الكثير من البلدان العربية، والخاصة بلغة الضاد، لكون عمل هذا المجمع في تقديري سيجمع بين أمرين، الدعم الفكري والمعنوي وبين الدعم المادي وهو ما تحتاجه لغتنا العربية، حيث إنها تستحق منا أن نبذل كل ما في وسعنا، وأن نطوع جميع إمكاناتنا حتى يعود صرح اللغة من جديد إلى كل مناحي حياتنا، وهو ما يتجلى بقوة في هذه المبادرة التي ستغير وجه الحياه في عالمنا العربي في ظل التحديات الكبيرة التي نواجهها والتي تعمل كلها من أجل إضعاف لغتنا وتهميش الأجيال المقبلة وإصابتها في أحد أهم مكونات الهوية الوطنية ، فشكراً من القلب إلى صاحب السمو على كل ما يبذله من أجل أن تتدفق العربية في شرايين أبنائها بكل حفاوة وإشراق.

محمد عبد الله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"