عادي

العطر.. العالم من منظور شمي

22:01 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

العطر مادة مهمة في حياة الإنسان، يحتاج إليها في شتى مفاصل حياته، منذ الطفولة حتى الممات، وهو يغطي مساحة لا بأس بها من ميادين مختلفة من حياته، كالزواج والحب والصناعة والتجارة والزراعة والثقافة والطقوس الدينية، فهو بالتالي في حاجة إلى دراسة تاريخية حديثة، ويحاول قيس كاظم الجنابي أن يستقصي هذا الجانب ثقافياً واقتصادياً في كتابه «العطر عند العرب.. دراسة تاريخية فكرية» فالعطر قديم قدم الذاكرة الإنسانية.

إن الحاجة إلى العطر وأصنافه هي حاجة ضرورية وحيوية، تدل على التطور الحضاري وتنامي القدرات الثقافية، لترويض النفس والمجتمع والواقع، من أجل بيئة أكثر جمالاً، وقد قام البحث في هذا الكتاب على تمهيد وفصل يتناول تاريخ العطر في باب واحد، أما الباب الثاني فتناول الجانب الاقتصادي من حيث موارده وصناعته وتجارته، واختص الباب الثالث بالجانبين الاحتفالي الطقسي والفكري.

يوضح الكتاب أن العطر ارتبط في ذاكرة العربي ليس بوصفه مادة كمالية يتأنق بها الإنسان فحسب، وإنما بوصفه مادة طقسية احتفالية لها صلة بالأديان والعقائد التي كانت شائعة قبل الإسلام، ثم تبنى الإسلام العطر بشكل ديني وثقافي وجمالي، وعرف المسلمون الأوائل بحب الطيب وأجناس العطر، ثم أصبح طقساً خاصاً في الأعياد والمناسبات.

كشف الكتاب عن عناية فائقة لدى العرب في صناعة العطر، وتنوع صناعته وابتكار الخلطات والتراكيب واهتمام العطارين والأطباء به واهتمام الخلفاء والأمراء ومن يليهم بالأمر، بتحضير العطور وتهاديها والعناية بها ومتابعة استعمالها في الأماكن الدينية والمناسبات وفي المساكن العامة والخاصة، حتى تطور الأمر إلى وجود خزائن وخزنة خاصين بالخلفاء، واجبهم خزن العطر والعناية به ووراثته كما يرث الخليفة ملكه وسدة حكمه.

كما كشف عن تطور تجارة العطور وتنامي هذه التجارة التي توزعت بين الاستيراد والتصنيع والتوزيع، ثم التصدير والتداول إلى أصناف أخرى، ولهذه التجارة امتدادها في العصر الجاهلي حتى أصبح العطر مقروناً بالعرب في العصر العباسي، وهذا بدوره كان له أثره في وجودهم في الأندلس وبلاد المغرب العربي، وكانت مواطن إنتاج العطر بشكل رئيسي في الهند والصين، وأبرز أنواع العطور التي حملت اسمها من هذين البلدين بشكل خاص.

أما الجانب الاحتفالي فقد كشف عن أن الطقوس والاحتفالات التي ارتبطت بالعطر جاءت بشكل انسيابي منذ القدم حتى الحاضر مرتبطة بالأديان والطقوس والأعياد والاحتفالات، وأكدت على وجود ضمنية واضحة بين الموت والعطر، وبين الحياة والعطر، وكيف تقلب الطيب بين الطرفين بشكل عجيب يجمع بين الفرح والحزن والخوف.

أما الجانب الفكري في الكتاب فقد تناول الحركة الثقافية حول العطر كتصنيف الكتب، وكتابة الشعر والنثر وعلاقة الشعر والكتابة بالعطر، وعرج على بعض المنجزات الثقافية الحديثة التي كان للعطر فيها أثره الحضاري الفائق، كما تناول الجانب السيميائي للعطر من خلال حاسة الشم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ceb5th4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"