بصراحة وبلا مبالغة

03:48 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

منذ أيام، أثارت واقعة تنمر عدد من الطلبة لزميلهم في إحدى الحافلات المدرسية، غضب واستياء المجتمع بمختلف فئاته، إذ إن الفعل «شائن»، وما جاء في محتوى مقطع الفيديو، الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا يليق باسم الإمارات، كوطن للتسامح والسلم والتعايش مع الآخر.
وهذا يدعونا إلى إعادة حساباتنا في محتوى لائحة السلوك الطلابي، لتشمل الوالدين أيضاً، حتى يكونوا أكثر التزاماً في متابعة ورعاية أبنائهم وتصرفاتهم، فجهود الدولة، لقهر التنمر والقضاء عليه، مشهودة، ولا يجوز وجود تلك السلوكيات في مدارسنا وبين أبنائنا.
إن تقويم سلوكيات صغارنا، أمر مقدور عليه، فهناك مبادرات نوعية، وبرامج تأهيلية متخصصة، قادرة على إصلاح أحوالهم، ولكن تبقى إشكاليتنا الحقيقية، التي تجسدها الحافلات المدرسية، إذ إنها لعبت دور «البطولة» في سيناريوهات الحوادث في الفترة الأخيرة.
وإذا اعتبرنا أن جملة الحوادث التي شهدناها مؤخراً، لم تزد عن حالات اعتداء فردية وسط هذا الكم من الطلبة وعدد المدارس والحافلات التي تجوب الدولة لنقل الطلبة، ولكن يأخذنا التعمق في محتوى تلك الحوادث، إلى خلل كبير في عملية الإشراف والمتابعة داخل حافلاتنا، خلال رحلتي الذهاب والعودة للمدرسة.
فلو كان لدينا مشرفة، أو «مشرف» مؤهل، يدرك مهامه وواجباته الوظيفية والإنسانية، ويتعامل معها بمسؤولية وضمير يقظ، ما كانت حادثة التنمر، وما كانت واقعة وفاة الطفل الذي لا يتجاوز عمره السادسة، وتُرك منسياً تسع ساعات لا يدري به أحد، ولم نجد يوماً طفلاً تائهاً بين الحافلات، يقضي بداخلها ساعات طويلة بالخطأ.
أما عن سائقي تلك الحافلات، «فحدث ولا حرج»، إذ إن مخالفاتهم على الطرقات تجاوزت المعتاد، بالرغم من أن القانون كفل لهم جميع الحقوق، وعدم تأهيلهم للتعامل مع مشكلة حدثت في حافلتهم، وغفل عنها المشرف أو المشرفة، تعد «سقطة» في معايير اختيار الأشخاص الذين يحملون معهم فلذات أكبادنا.
إن الغياب التام لمشرف أو مشرفة حافلة «التنمر الطلابي»، وحالة عدم المبالاة التي أصابت السائق، واستمراره في السير، وكأن شيئاً لم يحدث من حوله، تعد مؤشرات خطيرة على وجود إهمال وانعدام مسؤولية، يهددان أمن وسلامة أبنائنا في تلك الحافلات.
بصراحة وبلا مبالغة، إذا أردنا أمن وسلامة الطلبة في الحافلات المدرسية، علينا اختيار المشرفين والمشرفات والسائقين بدقة، وتأهيلهم وتدريبهم بعناية وباستدامة، وبعدها نهتم بتجهيز الحافلات، بوسائل الراحة، والأجهزة الذكية وغيرها.
لماذا لم يكن لدينا هيئة رقابية وطنية، تشرف وتتابع وتقيم مؤسسات النقل المدرسي على مستوى الدولة، بمعايير موحدة وآليات ممنهجة؟ لضبط إيقاع عملها، لاسيما أن تعليم أبنائنا تُلخصه ثلاث كلمات: «المدرسة والبيت والحافلة».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"