الأمن السيبراني العربي

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
الأمن السيبراني العربي مصطلح شديد الأهمية كونه يتعلق بالاستراتيجيات الدفاعية الحديثة المعتمدة على تكنولوجيا المعلومات المتطورة، لكنه كمصطلح يشبه مصطلحات كثيرة فضفاضة مثل الاقتصاد العربي، والسياسة العربية، والثقافة العربية أو الصناعة العربية، نظراً لضعف العمل الجماعي والتنسيق بين الدول العربية، والفشل في وضع توصيات ومقررات المؤتمرات الأكاديمية أو الاجتماعات الرسمية بين المندوبين الرسميين موضع التطبيق.
وظل التشرذم والعمل الفردي سيد الموقف وملمحاً رئيسياً في توصيف المشهد العربي العام، ويظهر هذا اليأس في قلة أو ندرة المقالات التي تتناول أو تتابع الموضوعات العامة المرتبطة بالجهود المشتركة. ويبدو أن وسائل إعلام غير عربية لكنها ناطقة بالعربية تولي اهتماماً لهذا الجانب، ونعني به الأمن السيبراني، ربما بسبب ترابط الشبكات والتهديد الذي يشكله أي اختراق لأي جهاز على الأجهزة الأخرى في العالم. وبمعنى آخر، إن ضعف الدفاع السيبراني العربي قد يؤثر على الدفاع السيبراني لأي دولة أخرى بسبب تبادل المعلومات بين الدول العربية والعالم.
وقد لفت انتباهي تقريران، أحدهما حديث جداً، والآخر قديم نسبياً. الحديث نشرته «اندبندنت عربية» بتاريخ 24 مايو (أيار) الحالي، وأشارت إلى تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) الصادر في يوليو (تموز) 2021، الذي وضع ترتيباً للقوى الإلكترونية الكبرى في العالم، معتمداً على سبعة معايير، الاستراتيجية والعقيدة، والإدارة والقيادة والسيطرة، وقدرات الاستخبارات السيبرانية، والاعتمادية على الفضاء السيبراني، والأمن الإلكتروني، والريادة العالمية في الفضاء السيبراني والقدرات السيبرانية الهجومية.
واحتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى في جميع هذه المعايير، بينما جاءت في المستوى الثاني روسيا وأستراليا وكندا والصين وفرنسا وإسرائيل والمملكة المتحدة. أما الفئة الثالثة، فشملت الهند وإندونيسيا وإيران واليابان وماليزيا وكوريا الشمالية وفيتنام. وناقشت الصحيفة غياب الدول العربية عن التصنيف الدولي لا سيّما الاهتمام بالأنظمة الهجومية، وهو المعيار الأساس في قياس القوة السيبرانية.
أما الوسيلة الإعلامية الثانية فهي لمنصة دويتشه فيله (DW)، ونشرت تحقيقاً صحفياً بعنوان «العالم العربي غنيّ بالمال لكنه فقير في التكنولوجيا»، وتساءل: لماذا لا ينتقل إنتاج وابتكار التكنولوجيا الداعمة لإقامة صناعات متطورة في الدول العربية، رغم استثماراتها الضخمة التي تقدر بنحو 2.4 تريليون دولار في الدول الصناعية والصاعدة، حسب تقديرات مجلس الوحدة الاقتصادية التابع للجامعة العربية، في مجالات إنتاج السيارات الكهربائية وإنتاج معدات وأجهزة عالية التقنية في مجالات الطاقة والاتصالات والأمن والدفاع والصحة، إضافة إلى مجالات التعدين والكيماويات. ولماذا لا توجد سيارة أو هاتف أو كمبيوتر أو أي منتج آخر رائد وعالي التقنية عربي له صيت عالمي.
ويتّفق التقريران على أسباب واضحة لتلك الظاهرة، هي أن الدول العربية لا تزال مستهلكة للتكنولوجيا وليست مُطوّرة، ويشير التحقيق الثاني إلى جهود عدد من الدول العربية كمصر والمغرب وتونس وسوريا والإمارات ونجاحها في إنتاج وتطوير تقنيات محلية في مجالات مثل الأنسجة والأغذية والأجهزة المنزلية والأدوية ومستلزمات السياحة والسفر.
الدفاع السيبراني يشكّل أهمية عالية نظراً لارتباطه بالسياسات الدفاعية الأخرى، ففي عصرنا ووقتنا الحالي، لا يمكن فصل الدفاع العسكري التقليدي عن الدفاع السيبراني، لأن الثاني يعتمد على الأول في تفاصيل كثيرة، إضافة إلى الأمن السيبراني الخاص بسرية الوثائق لدى الجهات الرسمية والقطاعين العام والخاص.
يبرز هذا المشهد رغم وجود كفاءات عالية ومهارات متطورة في المجال السيبراني، لكنها غير مستغلة بالشكل الصحيح، وبعضها تم استقطابه من قبل الدول الكبرى، خاصة من قبل الدول التي حصلت على التصنيف العالمي.
لقد آن الأوان أن يكون لدى العرب قوة هجومية وأخرى دفاعية، للمحافظة على أسرارهم وثرواتهم وإمكاناتهم وإنجازاتهم في وجه المخترقين و(الهاكرز) أفراداً وجماعات، وهذا يتطلب تفعيل العمل الجماعي، واحترام المبادرات والكفاءات الفردية والجماعية، وصيانة الملكية الفكرية.
في الإمارات، لدينا الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، بمحاور كثيرة من ضمنها تأهيل الكوادر لتصبح مسؤولة عن الأمن السيبراني، وهناك خطة وطنية للاستجابة للحوادث السيبرانية، تعمل على إقامة دفاعات سيبرانية متطورة، وهو أمر ينسجم مع المستوى المتقدم لاستخدام التقنية في الإمارات، وجهودها في غزو الفضاء.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3fx2u8ut

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"