ترامب وصراع البقاء

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

«هذه لم تعد أمريكا».. هكذا علق الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب على توجيه سلسة طويلة من الاتهامات إليه، بينها تهمة تعريض الولايات المتحدة للخطر عبر احتفاظه بوثائق سرية للغاية، بعد مغادرته البيت الأبيض، تضاف إلى اتهامات أخرى تتعلق بفضائح أخلاقية ومالية لا يزال يخضع للمحاكمة بشأنها.

 ينفي ترامب، بطبيعة الحال، كل هذه الاتهامات، ويصرّ على أنه بريء، وأن ما يحدث هو «مؤامرة ديمقراطية»، لمنعه من الوصول مجدداً إلى سدة البيت الأبيض. 

 وكما فعل دائماً، يحاول الظهور بمظهر الضحية، وتحويل هذه الاتهامات إلى عامل إيجابي؛ يزيد من حظوظه الانتخابية، كونه يتعرض لهجوم مدبر من قبل إدارة «فاسدة»، بينما هو يدافع عن مصالح ناخبيه، ومصالح الولايات المتحدة بشكل عام. 

 بغض النظر عن صحة هذه الاتهامات من عدمها، فهي مسألة متروكة للقضاء، إلا أن أسئلة كثيرة تثار حول توقيت طرح هذه الاتهامات، وأهدافها النهائية، وما إذا كان قد حان الوقت للتخلص من ترامب مبكراً وقبل أن يحظى بترشيح الحزب الجمهوري رسمياً في الانتخابات التمهيدية، فهو يتفوق في استطلاعات الرأي على كل منافسيه الجمهوريين الكثر، ما يعطيه ميزة إضافية؛ حيث ستتوزع أصوات الجمهوريين على هؤلاء المنافسين، بينما قاعدته الصلبة في أقصى اليمين الجمهوري الشعبوي، ستظل ثابتة، وربما تتوسع مع إخفاق منافسيه في الحصول على الأصوات اللازمة لترشيح الحزب. 

 كما ثبت أن استراتيجية ظهوره بمظهر الضحية، تدفع مناصريه إلى التمسك به أكثر، والاستفادة من الانقسام الجمهوري الجمهوري، والانقسام الأمريكي على المستوى الوطني. وأيضاً الاستفادة من ضعف أداء منافسيه الأقوياء مثل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، والمندوبة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، ونائبه السابق مايك بنس، ناهيك عن الخلافات التي تعصف بالجمهوريين حول دعم أوكرانيا، والعلاقات مع الصين وروسيا، وموقع الولايات المتحدة الراهن في الساحة الدولية. 

 كذلك لا يبدو أن الناخبين الأمريكيين يريدون نسخة محافظة عن ترامب عبر ترشيح نائبه السابق بنس، بقدر ما يريدون ترامب بنسخته الشخصية. السؤال المحير فعلاً هو لماذا احتفظ ترامب بآلاف الوثائق السرية ونقلها عند مغادرته البيت الأبيض إلى مقر إقامته في منتجع مارالاغو بولاية فلوريدا، ولم يسلمها إلى «الأرشيف الوطني» أسوة بالرؤساء الأمريكيين السابقين؟

 ولماذا كذّب على الشرطة الفيدرالية في المرة الأول عندما سلمهم بعد إلحاح 15 صندوقاً تحوي أكثر من 200 مستند سري، وأكد محاموه بعدها عدم وجود أية وثيقة أخرى، قبل أن تعود الشرطة الفيدرالية لمداهمة مقرة، وتصادر نحو 30 صندوقاً تحوي 11 ألف وثيقة، بعضها حساس للغاية بشأن إيران والصين، ومنها ما يتعلق بالقدرات الدفاعية للولايات المتحدة ودول أجنبية، وبالبرامج النووية الأمريكية، علاوة على معلومات تتعلق ب«نقاط ضعف محتملة للولايات المتحدة وحلفائها في حال تعرضها لهجوم عسكري». 

ماذا لو تمت إدانة ترامب بهذه التهم وتم إيداعه السجن وفقاً للقانون الأمريكي؟ فهل يقف أنصاره مكتوفي الأيدي أم أن الأمر قد يتطور إلى حرب أهلية أمريكية لا أحد يمكنه التكهن بنتائجها؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7h395pxy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"