أسئلة الهجوم المضاد

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

في خضم المواجهة الروسية الأوكرانية الممتدة، ربما يكون بين أبرز ملامحها تعبير «الهجوم المضاد» الحائر منذ عدة أشهر بين جبهات الصراع مفجّراً أسئلة لا تهدأ عن موعده وطبيعته وقدر إسهامه في إحداث تحول في مسار المعارك.

 تقلل روسيا من تأثير الهجوم المضاد منذ بداية الحديث عنه، ومع تحقيق القوات الأوكرانية بعض الاختراقات، ومنها ما طال مواقع داخل روسيا، قيل إن ذلك مما يمكن حسبانه ضمن هذا الهجوم، رغم تقليل موسكو من تأثير هذه الضربات وترافقها مع زيادة المدد الغربي لكييف من الأسلحة والتصريحات.

 من الربيع إلى الصيف، تغيّر موعد الهجوم، لكنه، على أية حال، بدأ، وإن كان في صيغة «عمليات هجومية ودفاعية مضادة»، حسب وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، غير أنه لم يبدّد الحيرة، رافضاً الربط الصريح بين هذه العمليات والانقضاض المنتظر على القوات الروسية لحسم المعركة، كما بشّر مرات، ومثله فعل حلفاؤه.

 لم يشفِ فولوديمير زيلينسكي غليل أسئلة الصحفيين، وهو يستقبل جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، أحدث ضيوفه المفاجئين في كييف، حول الهجوم وتفصيلاته، وآثر التمادي في الغموض، مكتفياً بما قال عن «عمليات هجومية ودفاعية مضادة».

 على عكسه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة الماضي، للصحفيين، إن الهجوم الأوكراني المضاد الكبير المُنتظر منذ أشهر بدأ، لكن قوات كييف لم تتمكن من تحقيق أهدافها منه، بل إن خسائرها فيه ضعف ما تتكبده القوات الروسية.

 وربط مراقبون بين تصريحات بوتين وزيلينسكي والوضع في الجبهة الجنوبية من أوكرانيا تحديداً؛ حيث تستمر تداعيات تدمير سد نوفاكاخوفكا الذي يتبادل الطرفان الاتهام بالوقوف وراءه.

 ما يؤكد هذه الصلة ما قالته هانا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني، الأحد، حول مسؤولية القوات الروسية عن نسف سد كاخوفكا لمنع نظيرتها الأوكرانية من التقدم في منطقة خيرسون.

 ورأت ماليار أن انفجار محطة الطاقة الكهرومائية في كاخوفكا بأيادٍ روسية هدف منع قوات الدفاع الأوكرانية من شن هجوم في قطاع خيرسون، مشيرة في هذا الصدد إلى أن التفجير الذي تسبّب في فيضان هائل غمر البلدات والقرى وحاصر السكان وجرف منازل بأكملها، كان يهدف أيضاً إلى إتاحة الفرصة لنشر قوات الاحتياط الروسية في منطقتي زابوريجيا وباخموت.

 وبينما أربك هذا التدمير السعي الأوكراني في الجبهة الجنوبية، حسب نائبة وزير الدفاع، فإن القوات الأوكرانية، كما جاء على لسان متحدث عسكري تشنّ هجوماً مضاداً بالفعل على القوات الروسية، وتقدمت حتى مسافة 1400 متر في عدد من مناطق خط الجبهة بالقرب من باخموت، شرقي البلاد.

 وهكذا، يزداد تعبير «الهجوم المضاد» غموضاً، وتبقى أسئلته بلا إجابات حاسمة حتى من زيلينسكي، بل إن تصريحاته تتناقض وما يقوله بعض المسؤولين العسكريين في بلاده، وليس فقط مع أقوال موسكو الماضية في إحصاء ما تدمره من أسلحة غربية في أوكرانيا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5anbs2wm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"