أبها الساحرة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

على ارتفاع 2200 متر وبين قمم جبال السروات، تتخذ مدينة أبها الساحرة موقعاً مثالياً يلمس السحاب بقلاعه وقصوره والبيئة البكر، التي تروي زائرها بالدهشة والإبهار طوال العام، كما أراد لها القائمون على مشروع تطويرها. فكيف تمكنت المملكة العربية السعودية من الحفاظ على هذه الروح المنسجمة مع الطبيعة والحداثة؟ وما الذي يمكن الاستفادة منه من هذه التجربة التي جعلت من المجتمع المحلي أولوية، ومن السياحة مشروعاً متكاملاً؟
لا شك أن أبها هي وجه الحراك السياحي المتجدد، الذي يجمع بين التاريخ والأسطورة والإرث من المنعة والشجاعة الواضحة في روح أهلها، وهي نبض عسير، المنطقة التي تلقى كل رعاية واستثمار من قبل قيادة المملكة الرشيدة، والهدف تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية طوال العام، مع تحقيق التوازن بين التطور والمحافظة، بالاعتماد على الأصول الثقافية والطبيعية، ومستويات جغرافيتها الخمسة من سهول وجبال وأصدار وهضاب وصحراء.
في زيارتنا الأخيرة للمدينة البهية بدعوة كريمة من الهيئة السعودية للسياحة لمسنا ثلاثية المشروع وهي الإنسان، الأرض والاقتصاد بارزة في كل زاوية من زوايا المكان، فهدية الله تعالى المنبسطة من الخضرة الممزوجة ببياض الغيم وزخات الضباب، تعززها جهود على أرض الواقع جمعت بين جهود السكان المحليين والشركات، والخبراء المحليين والبلديات والوزرات المعنية بالمشروع، وهي تقدم مشاريع نوعية يسهم في معظمها أهل أبها من المبدعين في قطاعات مختلفة، فمن متاحف الأفراد في مجالات مثل حفظ التاريخ العسيري، وتراث المرأة الجنوبية، وفن القط العسيري الذي يداعب البصر في كل زاوية من زوايا المدينة، إلى مشاريع المزارع السياحية المختصة بالنباتات النادرة والورد الطائفي والفراولة، إلى المطاعم التي تقدم تجارب استثنائية للمذاقات المحلية والعالمية.
إن هذا الانسجام تحقق بفعل سمة بارزة في المجتمع الأبهاوي على وجه الخصوص، وهي «الشغف» بتقديم روح المنطقة بأبهى ما يمكن، كما أن كرم الضيافة السعودية الغامر يحقق الكثير من الترابط بين السائح والمكان، أما أجمل درس تلقيناه من هذه التجربة الفريدة، يتمثل في تكامل الأدوار بين القيادة والمجتمع والقطاع الخاص، والذي يجعل من المشروع أشبه بسيمفونية جنوبية، تعزفها ملامح التجربة الثقافية المغلفة بالأنشطة السياحية المتنوعة.
دعم وتعزيز السياحة بشقيها الداخلي والخارجي هي محور أساس في الرؤية المستقبلية السعودية، أما المشروع الأكبر فهو خليجي بامتياز، فقد خطت المملكة خطوات جديدة لتحقيق تكامل سياحي خليجي، من خلال مشاريع مثل التأشيرة السياحية الموحدة وإطلاق تقويم سياحي مشترك مع مملكة البحرين، والخطوة سعودية أصيلة ومتجددة، فهي روح السعودية الحقيقية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8h4a7k

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"