يهود أمريكا يحذّرون إسرائيل

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاطف الغمري

شهور قليلة مرت على إعلان عدد كبير من المنظمات اليهودية الأمريكية، اتهامها لدولة إسرائيل بالإرهاب الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون.

هذه الأيام عادت أصوات يهود أمريكا تتصاعد من جديد قلقاً من سياسات حكومة نتنياهو، والتنبيه إلى احتمال حدوث صدام بينهما.

اتخذت هذا الموقف المنظمات اليهودية الرئيسية، والتي كانت تعتبر تاريخياً، الأساس الصلب الذي يقوم عليه تأييدها القوي لإسرائيل، ودورها عبر عقود طويلة، في حشد قدرات تلك المنظمات بالضغط على رؤساء أمريكا وحكوماتهم، من أجل الانحياز لإسرائيل، في ميزان علاقة الدولة الأمريكية مع العرب والفلسطينيين.

 وهي نفس المنظمات التي طالما جمعت ملايين الدولارات سنوياً، هم حصيلة تبرعات من مؤسسات أمريكية، وتقدمها لإسرائيل.

 الآن تعلن نفس المنظمات عن قلقها من تأثير سياسات حكومة نتنياهو على سمعة إسرائيل، والتي كانت تلك المنظمات تتباهى بالوصف الذي أطلقوه على الدولة الإسرائيلية، باعتبارها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، في حين أن ما يرونه الآن ليس سوى ممارسات عنصرية، وضد حقوق الإنسان.

 من الجهات التي تعالت أصواتها في الأيام الأخيرة، «معهد واشنطن للشرق الأوسط»، والذي أعلن أن اليهود الأمريكيين يعبرون عن انزعاجهم من سياسات حكومة إسرائيل، وأن علاقات إسرائيل الوثيقة مع مجتمع يهود أمريكا، والذي كان تحالفها معهم هو أهم من أي علاقة لها بأي جهة كانت. وأن تلك العلاقة صارت الآن تحت الاختبار لأن ممارسات حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة، تدفع بها إلى طريق صدام مع اليهود الأمريكيين.

 تقول المنظمة اليهودية «جي ستريت» على لسان رئيسها جيريمى بن عامي، الوزير الإسرائيلي السابق، الذي يعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة.. إننا أمام لحظة تجرّ فيها سياسات حكومة نتنياهو العلاقة مع اليهود الأمريكيين، نحو صدام محتمل وهو ما يخلق مخاوف كبيرة من حدوث ذلك.

.. نفس المخاوف عبّر عنها الحاخام ريك جاكوبز «رئيس الاتحاد اليهودي الإصلاحي» وهو تجمّع يضم غالبية قوى الحركة اليهودية، ويقول إننا نشعر بقلق عميق للمسار الذي تمضى فيه الحكومة الإسرائيلية.

 هناك أيضاً المنظمة التي ترفع شعار ضد العنصرية، وإثارة الكراهية التي تسمى Anti Defamtion، والتي اتخذت نفس موقف المنظمات المشار إليها، وانضمت إليها أيضاً منظمة «الاتحاد اليهودي لأمريكا الشمالية».

 من ناحيته فإن الكاتب إريك ألترمان مؤلف كتاب «نحن لسنا مجموعة واحدة»، والذي تناول فيه العلاقة بين إسرائيل ويهود أمريكا، وقال إن الطرفين يتحركان في اتجاهين كل منهما معاكس للآخر. وتحدث ألترمان عن ظهور جماعة تقدمية داخل الحزب الديمقراطي، تحاول دفع الأمور نحو اتخاذ موقف متشدد من إسرائيل، رداً على إساءتها معاملة الفلسطينيين. وهم القائلون بأن الصدام مع إسرائيل قد يحدث فجأة، وقد يأتي على مراحل.. الآن الفجوة تتسع بين إسرائيل ويهود أمريكا.

 في نفس الوقت اتجهت أنظار المراقبين والمتابعين من أكاديميين ومثقفين لتلك الظاهرة، وهو ما أعلنه مجلس العلاقات الخارجية، في إشارته إلى قرار صادر عن الأمم المتحدة عام 1975 يصف الصهيونية بأنها نوع من التمييز العنصري. ثم استشهد المجلس بمقال نشر في مجلة «فورين أفيرز» عنوانه «حقيقة إسرائيل». دولة منفردة بنفسها، شارك في كتابته أربعة من كبار الأساتذة الجامعيين هم – مايكل برنت، وناتان براون، ومارك لينش، وشبلى تلحمي. وقالوا إن حل الدولتين قد مات، بسبب الواقع الذي سعت إسرائيل لفرضه، والهدف محدد. هو أن تكون هي الدولة الوحيدة التي لها وجود في هذا المكان، وبحيث لم تترك أملاً في قيام مفاوضات حول دولة فلسطينية. وأنها تزيد الأمر سوءاً بمعاملتها السيئة لغير اليهود في الأراضي المحتلة.

 في قلب موجة التحذير من عواقب السياسات العنصرية الإسرائيلية، فإن الأنظار في أمريكا اتجهت نحو ما يمكن أن تفعله حكومة الرئيس جو بايدن. ورداً على هذا التساؤل تقدمت منظمة «جى ستريت» بطرح نوع من الإجابة عليه، فقالت إن السؤال المطروح هو كيف ستتأثر سياسة أمريكا بتلك الأحداث؟ وأن الإجابة كما نراها هي إنه لا يوجد شيء واضح بشأن ما ستفعله حكومة بايدن. وبالنظر إلى الموقف الذي اتخذته حكومة بايدن بشأن مساندتها لأوكرانيا في مواجهة احتلال روسيا لأراضيها، وتبريرها له بأنها تدافع عن القانون الدولي وقواعده، فكان عليها بالمثل أن يكون لها نفس الموقف تجاه تصرفات إسرائيل ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في أرض محتلة. وهم أيضاً يعيشون تحت نظام الأبارتيد «الفصل العنصري». الذي رفضه العالم في جنوب إفريقيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/tyu88pze

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"