رسائل سنوية لا تُقرأ

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

سكانياً، توصف المنطقة العربية بأنها شابة، بل من الأكثر شباباً في العالم، فالتقديرات تقول إن نصف قاطنيها أقل من 25 عاماً.

 والمفترض ألا يبقى هذا الرقم مجرد إحصاء، وأن نرى ترجمته على الأرض في صور خطط كلها تذهب إلى المستقبل الذي يخص ما يزيد على 200 مليون شاب وشابة، وهو رقم ضخم.

  ومن أسف أن ما جرى خلال عقود مضت، في ما يخص شباب المنقطة، كان في الأغلب إهمالاً، بتعبير يفترض حسن النوايا، ارتقى في بعض الحالات إلى جرائم منظمة، يستوي فيها من يقود المغيبين إلى أفكار لا تنتصر لأي من معاني الحياة، وأنظمة عربية قادت شعوبها، وفي قلبها الشباب، إلى ظلمات، جراء نزق، أو جموح سياسي.

  كان من نتيجة ذلك ما حدث في إطار ما يسمى «الربيع العربي» الذي تخفّى في احتياجات للشباب في بعض الدول لا خلاف على منطقيتها ومشروعيتها، وامتطى تقنيات عصرية هي أقرب إليهم، ولا تزال، حتى من أسرهم، فما بالنا بأنظمتهم السياسية.

 وأثر الموجات المتلاحقة في هذا الإطار معروف للكل، ورأينا آثارها تنتقل من بلد عربي إلى آخر، ضياعاً للأرواح، وهجرة، وخيبة أمل في ما هو آت، رغم أن المعادلة عند ذوي البصيرة بسيطة.

  ما الذي يمكن أن يطمح إليه أي شاب في أي مكان؟ الإجابة معروفة، لكن استطلاع «أصداء بي سي دبليو» المتواصل منذ 15 عاماً يمكن أن يكون مناسبة سنوية للتذكير بأهم ما يحتاج إليه الشباب العربي، أو رسالة لمن يعنيه الأمر يبدو أنها لاتصل، أو لا تُقرأ، أو لا تُفهم.

  لاثني عشر عاماً، تتصدر الإمارات التي غيّرت في ذهن الشباب العربي جغرافية «أرض الأحلام» التي ارتبطت طويلاً ببقاع عربية وجعلتها عربية خالصة، فأصبح أغلبه يرى في الدولة الوجهة المفضلة لتكوين الأسرة، نظراً لما تتمتع به من بيئة آمنة، واقتصاد متنامٍ، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.

  والمسألة ليست انحيازاً لقُطر ارتبط، عربياً وعالمياً، بما هو استثنائي في كل ميدان، فنحن إزاء أرقام ونسب استقرت مصداقية مصدرها، ولا تجافي بأي وجه الحقيقة التي ينطق بها كل شاب عربي يعتبر الإمارات المرادف لكل معنى للعيش الكريم، والنموذج الأوْلى بالاقتداء.

  والمقتدي المفترض هنا صناع السياسات التي لا تدرك ما تعنيه مفردات مثل البيئة الآمنة، والاقتصاد المتنامي، والقيادة الحكيمة ذات الرؤية الثاقبة، والبيئة النظيفة، وسهولة بدء الأعمال، والوجهة المميزة لتكوين الأسرة، وتوفير باقة واسعة من فرص العمل، ومنظومة تعليمية عالية الجودة، وتراث ثقافي غني، ورواتب مجزية، وسهولة الحصول على تأشيرة إقامة.

  كل هذا وغيره يكتنز الوصفة المجربة لربط كل عمل بهدفه الأسمى: الإنسان، فما بالنا إذا كان شاباً لا يصح أن تدير له الحياة ظهرها في وطنه، أو إقليمه، فيكره حاضره، وينعدم يقينه بمستقبله؟ الرسائل تتكرر، بقي الانتباه إليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mptk7zh7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"