3 يوليو

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

تدين المكتبة العربية بتعبير «أيام لها تاريخ» للكاتب الراحل أحمد بهاء الدين الذي جعله عنواناً لواحد من أشهر مؤلفاته حول أشهر الوقائع المصرية في بدايات القرن العشرين. 

 ولو أعاد أحدهم الآن تجربة هذا الكتاب لقفز الثالث من يوليو/ تموز 2013 إلى صدارة الأيام التي شهدت صياغات متفردة للتاريخ، والأمر هنا لا يعني مصر وحدها، بل المنطقة العربية، انطلاقاً من لزومية التأثير المتبادل بين مكونات الجسد العربي.

 عند إعادة قراءة ما شهدته مصر في صيف 2013 يستأثر يوم الثلاثين من يونيو/ حزيران بالاهتمام، انطلاقاً من ارتباطه بثورة تتباين توصيفاتها، سواء كانت مكملة لسابقتها في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011 أو مصححة لمسارها، أو نسخة جديدة من الهبّات اللازمة لتصويب مسارات التاريخ حين تختلط فيها الغايات والتدخلات فيعتريها الانحراف.

 وعلى أهمية الثلاثين من يونيو/حزيران الذي أصبح يوماً للاحتفال، فإن معناه لا يكتمل بغير الثالث من يوليو/ تموز بكل ما شهده من إجراءات أسست للخلاص من إرهاب جماعة «الإخوان المسلمين» الذي عاش عاماً في القصر الجمهوري وتحدث، في واحدة من عثرات التاريخ، باسم المصريين. كانت القوات المسلحة المصرية في صلب ما شهدته مصر منذ 2011، وحضورها ارتبط بالمعنيين: الوطني الحارس للمقدرات، والسياسي المشارك في تعقيدات المشهد المتسارع، غير أن أداءها يوم الثالث من يوليو/ تموز كان تحولاً في صورة المؤسسة الوطنية الأكبر والأقوى حين ارتبط بإزاحة خطر حقيقي كان سيتعملق مع الوقت ويختطف المنطقة كاملة.

 ربما يكون هذا اليوم بداية صياغة ملامح شخصية مصرية جديدة هي عبدالفتاح السيسي، وكان وزيراً للدفاع برتبة مشير، وذلك جانب يجدد الجدل الشهير المتمحور حول سؤال: من يصنع الآخر: الشخص أم التاريخ؟ غير أن الأهم في هذا المقام الآن هو الإجراءات التي أعلنها ترجمةً لخروج المصريين إلى الشوارع رفضاً لحكم جماعة «الإخوان». عرض السيسي، وخلفه ممثلون للشعب المصري، خريطة طريق ما بعد «الإخوان»، وأبرز ملامحها تعطيل مؤقت للعمل بالدستور وتشكيل لجنة تراجع التعديلات المقترحة عليه، وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وكذلك لجنة عليا للمصالحة الوطنية.

 بدت هذه الإجراءات التي تلاها السيسي بزيه العسكري، مصرية خالصة تنظم شؤوناً داخلية بعد إسقاط الجماعة، غير أنها، بعد انقضاء عشر سنوات عليها، ممتدة الأثر على المستوى العربي وستبقى صالحة لتأكيد قيمة المؤسسات الوطنية التي تعرضت وتتعرض لمحن في بعض أقطارنا، وتتزعم مستهدفيها الكيانات التي تود تغييبها لمصلحة فكر الميليشيات وسرقة سلاحها الشرعي لتمزق به أوصال الأوطان الموحدة.

 ولا يمكن طبعاً إغفال قيمة أثر هذه الإجراءات وغيرها مما تلاه في توجيه ضربة تاريخية للجماعة بعد أن اختبر الشارع أفكارها الحقيقية التي لا تقيم اعتباراً لغير مصالحها ولا ترى قيمة لوطن أو مواطن لا ينتمي إليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yw5m39mj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"