وهل ينقصنا روبوتات؟

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

ليست المنظمات الدولية والإقليمية موضع رضا الجميع، لكنها، رغم كل ما يعتري أداءها من ضعف وعدم جدوى، قدر لا بأس به من اجتماعاتها وما تسفر عنه من قرارات أو توصيات، تبقى الصيغ المتفق عليها لجمع شتات العالم وأقاليمه حتى الآن.

وما من منظمة ترمي بالنقائص وتتهم بالارتهان لعدد محدود من الدول، وربما دولة واحدة، أكثر من الأمم المتحدة. والأكثر أن هذه المنظمة الأممية تبدو في نظر كثيرين أقل أهمية من بعض نظيراتها الإقليمية، والأجدر بالإصلاح الذي يجعلها إطاراً ذا مصداقية ويتمتع بقدر من العدالة، يحررها من سطوة قوى محدودة، ترى الوقائع المتشابهة بأكثر من عين.

ويذهب بعضهم إلى حد المطالبة بإعادة بناء كل المنظمات، خاصة الدولية، والبحث عن أشكال جديدة للتعاون في ضوء ما تغيّر في حسابات المصالح وموازين القوى الدولية والإقليمية.

وقد يكون من المفاجئ أن بشريات التغيير والإصلاح جاءت من قمة للأمم المتحدة في جنيف قبل أيام، وعلى لسان روبوتات بدت في هيئة «زعماء جدد»، يستعرضون قدراتهم على حكم العالم بشكل يجعله أكثر صلاحية للعيش والاحتمال.

وللأسف فإن هذه القدرات التي يروّج لها أصحابها على أنها فتح في شكل الإدارة السياسية للعالم ليست جديدة، وهذه أول سقطة في مسيرة «الزعماء الجدد» قبل أن تبدأ.

إن كانت هذه الزعامات الروبوتية تعتاش بالأساس على الذكاء الاصطناعي، فلدينا من قادة العالم وساسته الكثير من عباقرة التخلي عن أي ذكاء بشري ومن اعتادوا التغذي على كل ما يحفل به تاريخ البشر من غباء، والنتيجة تأتي بالضرورة أكثر غباء.

وتقر هذه الروبوتات، من باب التباهي، بأنها لا تملك عواطف، ولم تفهم مشاعر البشر بعد، وهي بذلك تتصنع الحيادية وكأن ذكاءها المصطنع لم ينبئها حتى الآن بأنها لن تبلغ في هذا المضمار ما بلغه بعض ساسة العالم من تبلد يجعل إيقاد حرب أيسر من إشعال سيجارة، وتشريد ملايين وقتل الآلاف أشبه بلعبة إلكترونية.

لدى العالم من الساسة المتفوقين على الروبوتات، في الغباء الطبيعي، ما يُغني عن زعامات الذكاء الاصطناعي التي تُمثل إطلالتُها من منصةِ قمة للأمم المتحدة، علامةَ يأسٍ من أي إصلاح، وأن حيل البشر نفدت، ويبقى الأمل في حلول السماء.

ليست الوصفة السحرية لإصلاح أحوال العالم بيد الزعامات الروبوتية التي يبشّر بها بعضهم، ولا في ذكائها المصطنع، فأصل الأشياء ليس منح الآلات طبائع بشرية، وإنما استعادة البشر فطرتهم الإنسانية، فلا يدوم قانون الغاب ويصبح ميثاقاً دولياً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2rw6t2uu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"