في وداع حبيب الصايغ

05:46 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد عبدالله البريكي

لا نستطيع أن نقول إن حبيب الصايغ كان بيننا بالأمس، فهو سيظل معنا بقيمته الأدبية الكبيرة، وقيمته الإعلامية الفخمة، فقد مضى الصايغ في طريقه إلى النجومية منذ البداية، واليوم نعيش أقسى معاني الفقد بعد غيابه الذي شرخ الصدور وترك فيها آلاماً لا سبيل إلى التخلص منها، لكنها سنة الحياة، وعلى الرغم من رضائنا بالقضاء وتسليمنا بالقدر، فإننا نعزي أنفسنا لرحيل الشاعر الذي أمضى حياته في محراب الكلمة يشكلها كيف يشاء، ويصنع منها رغيف خبز للفقراء، وقمراً يضيء الظلام للآخرين.
سيظل الشاعر حبيب الصايغ في وجداننا لأن كلماته التي تسكن كتبه ستتناقلها أجيال الأدباء، وستكون نبراساً فوق قبره، لأن الحياة وإن طالت قصيرة، لكن الكلمات المبهرة وإن قلت فهي كثيرة بمعانيها وقيمها ومثلها وتخطيها للزمن، وإذا كان الصايغ الملهم لأجيالٍ من الشعراء، فإن ما تركه من دواوين شعرية تزخر بالقصائد التي صورت حياته الإنسانية، وروحه المتطلعة إلى العلا، ونفسه التي بمياهها التي تفيض حياة بين السطور هي التي ستذكرنا دائماً به.
لقد مضى حبيب إلى غاية أخرى وهي أن كل شيء بعد اكتمالٍ سيؤول إلى نقصان، وقد غاضت شموع حياته بيننا، لكنه سيظل سؤالاً يتردد على الألسنة لأنه استطاع أن يؤسس في الإمارات والخليج والمنطقة العربية لقيمته الإبداعية، وأن يرسم الملامح التي جعلته يختلف عن الآخرين، أما بالنسبة للعمل الإعلامي، فقد لمع اسم الصايغ في بلاط صاحبة الجلالة، وظل رمزاً للكثير من الإعلاميين الذين تتبعوا خطواته، كما أنه عاش للأدباء وكرس حياته للثقافة في الإمارات، واستطاع من خلال منصبه رئيساً لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وأميناً عاماً لاتحاد الكتاب والأدباء العرب أن يجاري الحياة الثقافية بتطلعاتها الجديدة، لكن الأهم من كل هذا هو حبيب الصايغ الإنسان الذي سيظل في روح كل أديبٍ ناشئ، وفي عقل كل أديبٍ لامع، لأنه ملأ مكانه، وملأ محيطه بإنسانيته وهدوئه وتعاطفه مع كل القضايا، فقد عرفناه إنساناً كريماً، وشخصاً مثقفاً حلو الحديث، طيّب النفس ذا شمائل، وهو ما يجعلنا نرثي أنفسنا بما آلت إليه روحه.
وفي هذه اللحظات الحرجة التي نودع فيها صديق العمر، سنؤثرُ الصمت، وندع الذكرى هي التي تملأ الحياة به مرة أخرى.

مدير بيت الشعر في الشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"