عادي

من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه

23:14 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري
يقول الحديث: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)، هو حديث يضم بين معانيه الكثير من التعويض والجزاء الحسن، والنبي الكريم قال: (إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه)، ليعوض الله المرء من جنس العمل أو الشيء المتروك، وقد لا يكون من ذلك، فيعوضه الله إما بالجنة أو بالقرب من الله والشعور بأنسه ومحبته.

وامتلاك القلب طمأنينة تبث فيه القوة والنشاط والشكر لله وحده على نعمه التي لا تعد ولا تُحصى، والأمثلة على ذلك كثيرة، فالسارق الذي امتهن أخذ أشياء ليست له ولا تخصه من باب السرقة، بحجة أنه لم يجد عملاً ليستطيع من خلاله أن يعيل أهل بيته ويؤمن احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس، ولكن هذا التصرف لا يُعد مبرراً، فلو اتخذ لنفسه عملاً، وسعى إليه وتوكل على الله بقلب سليم، لعوضه الله وبارك له به، لأنه لجأ إلى الله، وتوكل على من بيده ملكوت كل شيء، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).

ومثال آخر عندما ترك المهاجرون ديارهم هرباً بدينهم، مغادرين أوطانهم التي ترعرعوا بين جنباتها، فأكرمهم الله وعوضهم بما هو أفضل من هذه الأوطان، ورزقهم الدنيا وأصبحوا ملوكاً في شرق الأرض ومغربها، وهذا التعويض هو تعويض دنيوي، ومن الممكن أن يكون تعويضاً أخروياً يخبئه الله لعباده، وأي جزاء أفضل من جزاء الآخرة، فهو يفوق الدنيا، عوضاً محققاً ورزقاً وفيراً وعطاء لا يُقدر بثمن، فمتى ترك العبد ما نهاه الله عنه بغية وجهه الكريم كان له العوض العظيم من الله تعالى عطاءً ورزقاً وجزاءً.

لذلك وجب طلب الرزق بالطريقة الصحيحة الحلال، وعدم المسارعة في الحصول عليه بالطرق الملتوية، لأن هذا الرزق مكتوب، ولن يفنى عبد دون أن يستوفي رزقه ويدرك ما كُتب له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نفث روح القدس في روعي: أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته)؛ لذلك من ترك شيئاً لله ناله بالحلال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ktpfmj9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"