الإنسان عدو نفسه

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما يصبح الإنسان عدو نفسه، فإنه لن يتورع عن أذية نفسه وغيره، واتخاذ قرارات ومواقف خارج المنطق والمألوف، بما يتنافى مع القواعد والصيرورة البشرية، وقد تكون أقرب إلى الجنون، وتؤدي إلى هلاكه.

تقف البشرية الآن أمام مفترق طرق، فإما أن تعود إلى رشدها، وتنقذ نفسها من هلاك حتمي، وإما أن تمضي قدماً في طريق الانتحار الجماعي.

هي لحظة فارقة في تاريخ البشرية، بعد أن تحولت الأرض إلى كتلة من نار وأعاصير مدمرة من جرّاء ما فعله الإنسان؛ بسبب جشعه وفجوره ونكرانه وعقوقه بحق الأرض التي نعيش عليها، حتى ضاقت ذرعاً به، وبدأت بالتخلي عنا؛ نتيجة عبثنا واستهتارنا.

مجموعة من الدول، لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، تمادت في جشعها، وحبها للسيطرة والهيمنة، وقيادة العالم الصناعي، فعملت على تجاهل كل المعايير الأخلاقية التي تقيد نشاطاتها المدمرة للبيئة، وانتهاك كل الاتفاقيات والقرارات التي صدرت عن مؤتمرات دولية تدعو إلى التعقل في بث السموم في الفضاء، والحد من الاحتباس الحراري، إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تجاوز لعصر الاحتباس الحراري، ودخلنا «عصر الغليان العالمي»، حسب توصيف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وما يعنيه ذلك من كوارث وأهوال، قد يكون ما نشهده اليوم من حرائق وفيضانات وأعاصير مجرد نماذج بسيطة لما هو آت.

من أوروبا إلى إفريقيا وأمريكا وآسيا، تسببت الحرائق التي اجتاحت دولاً عدة، بتدمير آلاف الهكتارات من الغابات، وآلاف المنازل، وبعضها لا يزال مستعراً حتى اليوم، كما تسببت درجات الحرارة غير المسبوقة بوفيات في أكثر من بلد، كذلك فإن العواصف والفيضانات التي اجتاحت دولاً آسيوية عدة، أدت إلى دمار وضحايا بشرية، في حين ضرب الجفاف أرجاء واسعة من المعمورة، وحوّل الأنهار والبحيرات إلى مستنقعات.

في بعض الدول الأوروبية، وشمال إفريقيا لم يسبق أن وصلت الحرارة إلى درجة تقارب الخمسين، والتي وصفها الخبراء بأنها الأعلى وغير الطبيعية في التاريخ الحديث.

يقول العلماء: إن كوكب الأرض بات أدفأ بنحو 1.2 درجة عمّا كان عليه قبل الثورة الصناعية، لكن عندما يصل إلى 1.5 درجة، فالعواقب سوف تكون كارثية ومميتة؛ لذا من المهم، المبادرة فوراً إلى خفض تلوث الكربون بشكل كبير، لتجنب الأسوأ؛ إذ إن ما شهدناه خلال شهر يوليو/تموز، هو مجرد إنذار للواقع المناخي القاسي الذي ينتظرنا.

الحاجة إلى عملية إنقاذ سريعة، باتت مُلحة أكثر من أي وقت مضى.

التحرك السريع ليس ترفاً، وإنما ضرورة لإنقاذ الكوكب والبشرية معاً، فما حصل من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، وما رافقه من حرائق وأعاصير وفيضانات كانت شبه مستحيلة لولا تغير المناخ.

لعل قمة «cop28» التي تستضيفها دولة الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تشكل منعطفاً حاسماً، ومنقذاً من «المذبحة المناخية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mhzd9z6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"