عادي

سلامة القلب

22:28 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

نجاة المرء من الفتن إنما تكون بسلامة القلب، لأنه يجابه نوعين اثنين من الفتن، فتنة الشهوة وهي كل انحراف عن الحلال في الأشياء، فالانحراف عن الحلال في شأن المال فتنة شهوة، والانحراف عن الحلال في شأن الجنس فتنة شهوة.

وثمة نوع آخر من الفتن... فتنة الشبهة، وهي كل تبديل لمفهوم في الدين وتحريف لمعنى عن مقصده.

إن فتنة الشبهة أشد خطراً من فتنة الشهوة؛ إذ إن فتنة الشبهة تلبس الحق بالباطل فعندما يقع المرء فيها يصنع الانحراف ويقع في المحرمات ويظن أنه يحسن صنعاً فيصبح بوصف القرآن من الأخسرين أعمالاً.

(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104). سورة الكهف

الله تعالى اختار القلب من بين أجزاء البدن مستقراً للعقيدة، وهي أعظم ما في الدين، وما دلالة ذلك إلا على عظم هذه المضغة التي في البدن (القلب).

وإنه ليمكنك القول موجزاً إنَّ الله جعل أعظم ما في البدن مستقرّاً لأعظم ما في الدين، وهي (العقيدة)، وليس أدل على عظم مكان القلب بين أجزاء البدن إلا وورد اصطلاح «القلب السليم» في القرآن الكريم في موضعَين: قوله تعالى: (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) (الشعراء: 87 89)...وقوله عزّ وجلّ: (وإنّ مِن شيعتهِ لإَبراهيم * إذ جاء ربَّهُ بقلبٍ سليم) (الصافّات: 83 و 84)

والمراد بالقلب في هاتين الآيتَين ليس البَضعة الصنوبريّة الشكل المودَعة في الجانب الأيسر من الصدر، وإنّما اللطيفة الربّانيّة الروحانيّة المتعلّقة بهذا القلب، ويُعبَّر عنها بالقلب تارةً، وبالنَّفْس أخرى، وبالروح ثالثة (مجمع البحرين، للطريحي)

وجاء في تفسير «قلب سليم» في الآيتين: أي قلب سليم خالص من الشِّرك، بريء من المعاصي والغِلّ والغشّ.

وسُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن القلب السليم ما هو؟ فقال: دِينٌ بلا شكٍّ وهوىً، وعملٌ بلا سُمعة ورياء.

وسُئل الإمام جعفر الصادق عن القلب السليم في الآية: إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم، فقال: الذي يلقى ربَّه وليس فيه أحد سواه؛ وكلّ قلبٍ فيه شِرك أو شكّ فهو ساقط(6).

من أعظم فضائل القلب السليم أنه المنجي يوم القيامة، قال تعالى: «إلا من أتى الله بقلب سليم».. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن رجل من أهل الجنة فلما تتبعه عبد الله بن عمرو لم يجده بكثير صلاة ولا بكثير صيام لكنه إذا نام على جنبه قال: «اللهم إني قد عفوت اللهم فاعفوا» إن سلامة الصدر والقلب منجاة في الدنيا ومنجاة في الآخرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p98f7j5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"