كي تقي نفسك الظلام

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

ما معنى العيش في الظلام؟ ما معنى أن تكون في اللب من الليل في كل لحظة ؟ أن تكون بلا ضوء ولا دليل؟ 
الظلام هو أن تشعر أنك وحيد لا صديق لك، وحيد لا تستطيع أن تحدّث أحدهم بهمك فينتشلك ويدخلك نور قلبه، وحيد بما يكفي أن تتحسس كفيك فلا ترى من يمسك بهما حتى وأنت تكاد تغرق.
الظلام هو أن تكون بلا أمل، بلا رغبة ملحّة في أن تواجه يومك وتنتظر غدك الموعود، وكأن الأوقات جميعها متشابهة والأزمنة لا معنى لها ولا وجود للغد في قاموسك. 
الظلام هو أن تنبهر ب «أنا» ولا ترى سواها، أن تكون أنانياً غير قادر على فهم غيرك ، ألا تسمع إلا صوتك ولا تشعر إلا بنبضك وإن تحسسته وجدته جامداً بارداً باهتاً. 
الظلام ألا تحب غيرك، أن تعيش دائرة الحقد ناسياً الشعور اللذيذ بالحب، لاهثاً وراء انتقام أو خصام أو معاداة هذا وإلحاق الأذى بذاك. 
الظلام ألا تشعر بالرحمة حتى تجاه أضعف المخلوقات، أن تشعر بتلبد المشاعر وأنت تمر بفقير أو محتاج أو مريض أو صغير، ألا تأخذك الشفقة تجاه من يرغب غيرك في منحه كل العالم حين يرى مدى ضعفه. 
الظلام أن تكون صدامياً فيما تقوى على التسامح، أن تكون منهمكاً في إحصاء السكاكين التي غرزت في خاصرتك وتنسى كل السيوف التي قطعتَ بها أوردة من حولك.
الظلام أن تلبس قناعاً طوال الوقت ولا تخلعه إلا لتلبس غيره بعد أن نسيت ونسى غيرك شكل ملامحك الحقيقية وجوهر داخلك الذي لم يعد يُرى. 
الظلام ألا تكون قادراً على مواجهة نفسك أو رؤية حقيقتك لأنك تخجل من كمّ الأذى والقلق والخوف والدموع التي تسببت بهم لغيرك. 
النور أن تكون متسامحاً مع نفسك قبل غيرك وأن تنعم بسلام داخلي حقيقي يكون كافياً لأن تتحسس الضوء ولو كان صادراً من ثقب صغير على بعد أميال منك. 
ليس كل ظلام متعلق بالنور المادي، ليس كل ليل مضاد للنهار؛ إذ ثمة ظلام وليل لا ينجليان مهما حلّ النهار أو أشرقت مليون شمس وأضاءت مليار نجمة، فاختر الضوء الذي ينبع من ذاتك كي تحظى بكل نور الأرض.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3wzjvd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"