انحطاط الأقلام

22:48 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

كلما فتحت صفحة «غوغل» على هاتفك في محاولة للبحث عن خبر أو معلومة، تتصدر الصفحة أخبار فنية كثيرة ومن مصادر منها المعروف ومنها العجيب الغريب، لكن الجامع المشترك بين هذه وتلك هو العنوان العريض الذين «يصطادون» من خلاله القراء، ويغرونهم لفتح الصفحة، عنوان يُختصر بكلمتين تتبعان اسم الفنانة غالباً والفنان أحياناً، «تثير الجدل»، فتحسب أنك بعيد ومغيّب عن ما يحصل في المجتمع، لأنك لم تسمع ولم تعلم شيئاً عن هذا «الجدل».

للأسف، سياسة الترغيب والتشويق صارت مبتذلة جداً ومهينة لمهنة الإعلام، والمؤسف أن تلحق بهذه الموجة صحف معروفة، فتعجز أنت عن التمييز بينها وبين الصفحات والصحافة الرخيصة، وصار موسم الصيف هو موسم اللعب على هذه النغمة، والكل يسرع لتحويل صور الفنانات في المنتجعات السياحية وعلى البحر وفي الحفلات والمهرجانات إلى حدث «يثير الجدل»، حتى بسمة بوسيل طليقة تامر حسني صارت الشغل الشاغل لتلك الأخبار، لنراها تتصدر بعناوين مثيرة، كلما وضعت صوراً لها ولأولادها على صفحتها الخاصة على «إنستغرام»، لدرجة أنك تتساءل ما الهدف من تسليط الضوء عليها وعلى ملابس البحر التي ترتديها بعد انفصالها عن تامر؟

انحطاط الأقلام لم يعد له حدود، ما همنا إذا ارتدت فنانة ما «مايوه» بقطعة واحدة أم قطعتين؟ وما شأننا و«لوك» الفنانة السبعينية وهي تقضي الصيف في الساحل؟ وما الفائدة من تتفيه العقول بنميمة يومية تحث الجميع على جعل مراقبة الناس والتدقيق في تفاصيلهم الشخصية شغلهم الشاغل؟ علماً أن عنوان «فلانة تثير الجدل بإطلالتها الصيفية» لا يتضمن أي مضمون حقيقي، ولم يسمع به أحد، ولا إطلالتها أثارت أي جدل، بل هو تأكيد على فراغ يغرق فيه الإعلام الإلكتروني، باستثناء بعض الصحافة التي ما زالت تحترم المهنة وتصون اسمها وتاريخها.

لا ننكر أن لعبة الصيف والإطلالة الجديدة وادعاء إثارة الجدل تستهوي بعض الفنانات، ويبدو جلياً أنهن يسرعن إلى التقاط صور جديدة ووضعها على صفحاتهن ليتصدرن المشهد، على أمل أن تنال كل منهن نصيبها في «الترند»، سواء ظهرت بالمايوه أم بملابس وفساتين البحر أم برقصة على الشاطئ.

«رقص آيتن عامر وأسماء إبراهيم في الساحل الشمالي»، هل الخبر في الرقص أم في وجود الفنانتين في الساحل الشمالي؟ ليس هناك أي خبر ولا أي حدث، إنما دعوة للنميمة الرخيصة، وتعويد الناس على الفرجة على خصوصيات المشاهير، ليصبح الرقص حدثاً والضحك حدثاً والسهر حدثاً.. فراغ ما بعده فراغ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mt4yk3hw

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"