مشهدا فرح وحسرة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تعلم أن الطالب الذي يستعد لاستقبال عامه الدراسي الجديد، يستعد في الوقت نفسه، لحمل أعباء فوق كتفيه تزيد من ثقل الحقيبة التي يحشوها بالكتب والدفاتر والأقلام، وكل المستلزمات المطلوبة منه؟ هل تعلم أن الطالب الذي مازال يعاني أثقال الحقيبة المدرسية، رغم كل التطور والاستعانة بالحواسيب والأجهزة اللوحية، يعاني أكثر بسبب أثقال أخرى تؤرّق تفكيره وتلازمه، لأنه يعجز عن إيجاد حلول لها، وليس هو سبباً أو طرفاً فيها؟ الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم حالياً، ويشعر بثقلها كل البشر، وتؤثر بشكل مباشر في المعيشة، تنعكس على استعدادات الطلبة للدخول إلى المدارس ومصاريف المستلزمات المدرسية أيضاً، فضلاً عن الأقساط التي دفعها أولياء الأمور مسبقاً للعام الجديد، قبل انتهاء العام الدراسي الماضي!. 
كل العروض التي تملأ الأسواق التجارية على المستلزمات، تغري العين، فيلهث الطلبة لشراء الأجمل والأحدث منها، متأثرين بلا شك بأي موضة أو «ترند» يروّج له المؤثرون على مواقع التواصل، ويجد أولياء الأمور أنفسهم في مواقف محرجة أحياناً كثيرة، بين رغبتهم في تلبية أمنيات أطفالهم وأبنائهم، وقدرتهم المادية، خصوصاً لذوي الدخل المحدود والأسر التي لديها أكثر من ابن وابنة في المدرسة. 
العروض تدعم المستهلك وتشجعه، لكنها تغري من ناحية أخرى بكثرة الشراء، والمشهد يدعوك للفرح، من جهة، حيث تنشط الحركة في الأسواق وتلمس البهجة في عيون الأطفال والشباب، وهم يتسوّقون ويختارون ما يحتاجون للدخول إلى المدرسة، بكل أناقة وبإحساس مميّز، باستقبال عام جديد وبإطلالة مختلفة تلفت نظر زملائهم ورفاقهم.. لكنك في المقابل تشعر بحسرة أصحاب الدخل المحدود من الآباء الذين يسعون إلى تحقيق أحلام أبنائهم، ويتمنون ألا يشعر هؤلاء الشبان والفتيات بأنهم أقل من زملائهم، أو بأنهم لا يحتفلون مثلهم باستقبال العام الجديد بالفرحة نفسها. 
خلف الأبواب المغلقة أسر متعفّفة، تحاول أن تجاري الزمن وتمشي مع الأيام وتتكيّف قدر المستطاع مع الأوضاع ومتطلبات أبنائها، متسلحة بالقناعة والرضا. وخلف الأبواب المغلقة أسر تمدّ يد العون لمن تجده متعثراً أو تعرف أنه يمر في ضيق؛ فكل الاحترام والامتنان للأسر التي تضع تعليم أبنائها أولوية، ولا تجد لنفسها مخرجاً من الضيق الاقتصادي بحرمانهم من التعليم، وتحية للأبناء الذين يستوعبون ويحترمون تلك الأوضاع، ولا يشكلون عبئاً إضافياً على آبائهم بمطالب تفوق طاقتهم، واحتياجات ليست ضرورية، ولكن ليتماشوا مع «الترند»، فقط. 
وتحية لكل داعم لا يتباهى ولا يفضح ستراً ولا يتغاضى عن قيمة مساعدة ولي أمر أو أسرة تمر بمحنة.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4x4rvubp

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"