عادي
جون سارجنت أحد رموز العصر الإدواردي

«الشقيقات فيكرز».. عصر المرأة الجديدة في لوحة

23:18 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

جون سينجر سارجنت (1856 - 1925) فنان أمريكي، يعتبر رساماً رائداً في جيله ممن حسبوا على العصر الإدواردي. رسم ما يقرب من 900 لوحة زيتية وأكثر من 2000 لوحة مائية، إضافة إلى عدد لا يحصى من الرسومات التخطيطية ورسومات الفحم. توثق أعماله السفر حول العالم، من البندقية إلى تيرول في النمسا، وجزيرة كورفو اليونانية، وإسبانيا، الشرق الأوسط، ومونتانا وماين وفلوريدا في الولايات المتحدة.

ولد فناننا في فلورنسا لأبوين أمريكيين، وتدرب في باريس قبل أن ينتقل إلى لندن، وعاش معظم حياته في أوروبا. حصل على شهرة دولية كرسام بورتريه. سعى إلى تعزيز مكانته كرسام للمجتمع في باريس، وعرض أولى لوحاته بعنوان (مدام إكس) في صالون باريس في ثمانينات القرن التاسع عشر، ولكنه بدلاً عن ذلك تسبب بفضيحة، فغادر سارجنت إلى إنجلترا حيث واصل مسيرته المهنية الناجحة كفنان بورتريه.

منذ البداية، اتسمت أعمال سارجنت ببراعة فنية ملحوظة، لا سيما في قدرته على الرسم بالفرشاة، الأمر الذي أثار الإعجاب في السنوات اللاحقة، كانت أعماله متوافقة مع أسلوبه الرائع في رسم البورتريه، في حين أظهرت أعماله غير الرسمية ولوحات المناظر الطبيعية إلماماً شفيفاً بالانطباعية. في وقت لاحق من حياته، انتقد القيود المفروضة على الفن، وكرّس الكثير من طاقته للرسم الجداري والعمل في الهواء الطلق. تجاهل مؤرخو الفن عموماً فناني المجتمع مثل سارجنت حتى أواخر القرن العشرين.

أخذته موهبته في الرسم إلى باريس، حيث أمضى عشر سنوات في رسم طبقة النبلاء الفرنسيين، وفي كل من بريطانيا وأمريكا أصبح رساماً للأثرياء والمشاهير، وقد استمتع بهذه المكانة والسمعة الطيبة في الرسم لأكثر من عشرين عاماً قبل أن يصدم جمهوره بإعلانه أن سنواته المتبقية من حياته ستخصص لدراسات المناظر الطبيعية والجداريات.

إلهام

كان سارجنت معجباً بجماعة ما قبل الرفائيلية، وهي حركة فنية أسسها دانتي غابرييل روزيتي في عام 1848. وكانت صور روزيتي الخاصة بالنساء بمثابة مصدر إلهام جمالي لسارجنت. من هنا، يمكن ملاحظة تشابه لوحة سارجنت الشهيرة «الشقيقات فيكرز» مع لوحة «نساء أرمسترونج» للسير جون إيفريت ميليه في عام 1872.

في عام 1874، اجتاز سارجنت أولى محاولات الاختبار الصارم المطلوب للحصول على القبول في مدرسة الفنون الجميلة، مدرسة الفنون الرائدة في فرنسا. أخذ دروساً في الرسم تضمنت علم التشريح والمنظور، وحصل على الجائزة الفضية. كما أمضى الكثير من الوقت في الدراسة الذاتية، والرسم في المتاحف، وفي الاستوديو الذي شاركه مع الرسام جيمس كارول بيكويث. لقد أصبح صديقاً لهذا الأخير والذي عرفه إلى الفنانين الأمريكيين في الخارج، كما أخذ سارجنت بعض الدروس من الرسام ليون بونات وهو من رواد المدرسة الأكاديمية في الرسم.

كانت أول صورة رئيسية لسارجنت لصديقه «فاني واتس» في عام 1877، وقد لفتت اللوحة انتباه النقاد والجمهور على حد سواء.. كانت لوحته الثانية المهمة «جامعو المحار في كانسال»، وهي لوحة انطباعية قام بعمل نسختين منها، أرسل إحداهما إلى الولايات المتحدة، وقد قوبلت اللوحتان بمراجعات نقدية مشجعة.

«الشقيقات فيكرز» لوحة زيتية تصور اللوحة ثلاث شقيقات من عائلة فيكرز، في منزل العائلة في بولسوفر هيل، شيفيلد، إنجلترا.

رسم سارجنت هذه اللوحة في عام 1884، هي صورة للأخوات: (فلورنس إيفلين فيكرز، مابيل فرانسيس فيكرز، كلارا ميلدريد فيكرز) وذلك بتكليف من والد الفتيات الصناعي الثري الكولونيل توماس فيكرز، وبعد اكتمال اللوحة عرضت لأول مرة في معرض عام 1885 جنباً إلى جنب مع صورة للسيدة ألبرت فيكرز، والملقبة أيضاً باسم إيديت فيكرز، وهي والدة الشقيقات وزوجة توماس فيكرز.

كما عرضت اللوحتان مع لوحة أخرى لسارجنت بعنوان: (السيدة روبرت هاريسون) في الأكاديمية الملكية عام 1886. وعلى الرغم من سرور الكولونيل فيكرز بالصورة، إلا أن نقاد الفن أغفلوها تماماً. كان الرأي العام أقل حماساً، لكن أحد النقاد المجهولين من مجلة سبكتاتور شعر أن الصورة كانت من حيث أسلوبها -على الأرجح- أذكى شيء في المعرض، ورأى أنها تشكل ميزة إضافية للرسم الفرنسي، أو بالأحرى، للطريقة الفرنسية كما تعلمها أجنبي في إشارة إلى جون سارجنت.

واللوحة تظهر ثلاث شابات يرتدين فساتين من القرن التاسع عشر، ويظهر الرسم الأخوات فيكرز في صورة النساء العصريات لعائلة ثرية، حيث تجلس اثنتان منهما معاً، أما الثالثة فتجلس على كرسي قريب. ترتدي إحدى الشقيقات ثوباً بلون أبيض، وهي تحدق بعيداً بطريقة جانبية، بينما تتصفح شقيقتها القريبة منها والتي ترتدي ثوباً بلون أسود، تزينه وردة حمراء عند منطقة الصدر، تتصفح إحدى المجلات برفقتها الأخت الثالثة التي تبدو بعيدة نسبياً عن شقيقتيها تنظر من خلف كرسيها مباشرة نحو المشاهد.

منظور

رُسمت هذه الصورة الجماعية للشقيقات الثلاث بمناسبة عيد الميلاد الحادي والعشرين لمابيل فرانسيس فيكرز (في الوسط). تظهر مع شقيقتيها فلورنس، البالغة من العمر 18 عاماً، على اليسار، وكلارا، البالغة من العمر 19 عاماً، على اليمين.

تضفي التعبيرات والأوضاع المتناقضة للأخوات الثلاث على اللوحة جواً من التوتر، ويتم تضخيم هذا من خلال إبداع الفنان جون سارجنت باستخدام المنظور، هذا المنظور الذي ربما (يمتع) أو يتحدى المشاهد في القدرة على رؤية الأشياء في علاقاتها الحقيقية أو أهميتها النسبية، حيث يعرض سارجنت الأشكال الثلاثة للشقيقات للأمام وخارج الغرفة ذات الإضاءة الخافتة التي يشغلنها، والرسم نفذ بحجم كبير (زيت على قماش) بأبعاد ( 138 × 183 سم).

نقد
كانت اللوحة بمكانة شيء جديد بالنسبة لنقاد الفن في ذلك الوقت، حيث يظهر الرسم الشقيقات وهن جالسات في أوضاع غير رسمية وإضاءة خافتة. وعندما عرض سارجنت اللوحة في صالون باريس في مايو من عام 1885، استهجنها النقاد. وفي العام التالي حين عرضها في معرض الأكاديمية الملكية بلندن، تم التصويت بوصفها أسوأ صورة لهذا العام من خلال استطلاع رأي الزوار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdhthvjr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"