قضية لغوية عاجلة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لعلماء العربية، في المجامع اللغوية وغيرها، شيء من الوقت يخصّصونه لإتحاف العرب بما يشفي العليل والغليل، في مسائل ليس عنها سائل؟ نريدها في الفضائيات حتى لا تذهب هباءً في الفضاء. الشعوب العربية اليوم ينهش أذهانها كلّ من هبّ ودبّ من المفترين على علوم لساننا. الأساتذة يعلمون أن العامة والمستنيرين وغير بعيد منهم عشرات الملايين من الطلاب، وفئات شتى بلا حساب من أهل التخصصات العليا، سوى أنهم غير متخصصين في علوم اللغة، خصوصاً علم اللغات المقارن واللسانيات المقارنة ونشأة اللغة والتأثيل وعلم تطوّر الدلالة.
قبل أيّ حديث تحليلي تعليلي، يجب الاعتراف النّكدي، وساء مقتاً، بأن كل الإنجازات العربية في كل البحوث والدراسات والتحقيقات التنقيبية في كل المجالات المذكورة، تأتي في المراتب الثانية وربما الثالثة، بعد أعمال المستشرقين، الذين لا يقوى على اختبار بحوثهم ومؤلفاتهم، والفصل في شأن مقاصدهم، إلاّ فقهاء اللغة الراسخون في علومها. نحن لا نشك في حسن نوايا العرب الذين يخوضون في ميادين العربية، ولكن عشق اللغة يزيد الطين بلّة حين يحيد عن الجادّة العلمية الجادّة. في هذه الفئة نجد من لم تكن لهم إحاطة بنشأة اللغة وعلم اللغات المقارن، لكنهم أطلقوا العِنان لآرائهم، ولو «على خفيف»، شأن الراحل د. مصطفى محمود.
 في المقابل نرى مستوى آخر يحتاج إلى تحقيق علمي جادّ من قبل المجامع اللغوية، حتى يكون في مستطاع غير أهل النظر والاختصاص، ميز الموضوعية من التعصّب الخارج عن البحث السليم. في هذا النطاق نجد الليبيّ د.علي خشيم. هل الغاية من مؤلفاته المتعددة في شؤون اللغات المقارنة، هي رؤية الدنيا العربية خضراء بتلوين من «الكتاب الأخضر»؟ أم أن الكلام علميّ متفق عليه من قبل أهل الذكر، حين يجزم الراحل خشيم بأن شمّه للغات سليم، فالأمازيغية والمصرية القديمة والآرامية والأكديّة والحبشية... كلها لهجات عربية؟ بل إنه يقفز حتى إلى أن اللاتينية هي الأخرى ذات جذور عربية. (من كتبه: سفر العرب الأمازيغ- اللاتينيّة العربية- القبطية العربية- الأكدية العربية). موقف المجامع ضرورة بحوثاً ودراسات، لا مجرد تبرير بأهمية حرية التعبير، فالراحل كان عضواً في اتحاد مجامع اللغة العربية.
يقيناً، موقف اللغويين ومجامع اللغة واجب، فلعلّهم يعرضون هذه الفنون الاستعراضية ذات الطابع الأكاديمي، على النزهاء وغيرهم من كبار علماء اللغات في العالم، حتى إذا أثبتها علماؤنا بالبراهين، وزكّاها أعلامٌ من اللغويين في العالم، كان الفضل ما شهدت به النزهاء والأعداء.
لزوم ما يلزم: النتيجة الضرورية: إذا ثبت للغويين العرب أن تلك المؤلفات بحوث علمية، معترف بها عالمياً، وجب على مناهج العالم تدريسها. مسؤولية إزاء الوعي العام والأجيال.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/32jnphc4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"