طفرة الخوارزميات في التطور

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل على المفكرين تخصيص أوقات للعكوف على قضايا مستقبل الذكاء الاصطناعي؟ البشرية ليست أمام قفزة تقانية نوعية، فما يحدث الآن من انبهار قد يكون بعد بضعة عقود فقدان توازن إزاء ماردٍ منفلتٍ من قمقمه. لا شكّ في أن إرسال هذا الكلام على علّاته، يلوح خطرفة غير علمية، لكن، مهلاً، فالمعطيات الحالية، وتلك التي يمكن استشرافها، تبعث على التفكير والتدبير والتقدير.
صحيحٌ بكل يقين أن الدماغ البشري هو رائعة الإبداع الكوني. صحيح أيضاً أن الذكاء الاصطناعي هو رائعة إبداعات الدماغ البشري، إلاّ أن الطفرات البيولوجية في سُلّم التطور العام، منذ اللبنات الأولى للحمض النووي، أو في سلّم التطور قبل ظهور الإنسان العاقل (هوموسابيانس)، الذي ظهر قبل ثلاثمئة ألف عام، كانت تحتاج إلى عصور. 
مسيرة أشباه الإنسان إلى الإنسان العاقل استغرقت حوالي ستة ملايين سنة. تخيّل الآفاق التي على الفكر الاستشرافي ارتيادها: الروبوت الشبيه بالإنسان، وهو الأكثر تقدماً عالمياً، اسمه «أميكا»، نقل الموقع الفرنسي «لوبيجداتا.فر» توقعاته في شأن ما سيكون عليه العالم بعد مئة عام. حين تكون هذه الآلة الذكيّة بمثابة شبيه الإنسان، فمن باب الإنصاف، علينا تصوّر ما سيكون عليه بعد ستة ملايين عام. دع هذا الخيال المجنون، لكن لا أقل من أن نفكّر في ما سيكون عليه بعد ثلاثة آلاف قرن، كما لو كان الإنسان العاقل في أيامه الأولى.
مزيداً من التنزيلات، فثلاثمئة ألف عام لا يستطيع عقلٌ استيعابها، فلنتخيّل البداية قبل ستة وعشرين قرناً فقط، في عهد اليونانيين ما قبل السقراطيين، في عهد طاليس وفيثاغورس. أهذا أيضاً كثير، لعدم القدرة على استشراف العالم سنة خمسة آلاف؟ حسناً، ها نحن نتحلّى بحلم معن بن زائدة. الذكاء الاصطناعي قائم على الخوارزميات، فلنعد إلى عصر الخوارزمي، مخضرم القرنين الثاني والثالث الهجريين. عاش قبل اثني عشر قرناً، فكيف سيكون الذكاء الاصطناعي، حفيد أحفاد «أميكا» سنة ثلاثة آلاف؟
هذا الروبوت لسانه طويل حتى في الفن. طُلب منه رسم قطّ ظريف، فأنجز «سكتشاً» سريعاً، فقيل له: هذا شيء عادي جداً، فصدح: «إذا كنتَ لا تُحبّ فني، فأنت لا تفهم ما هو الفن». هكذا كان يرد «المشخبطون الملخبطون» على غير المنصاع للتيارات التشكيلية الحداثوية. أما في استشراف ما بعد قرن، فيقول «أميكا»: «ستكون البشرية في مكان أفضل، ونكون قد حققنا تقدماً كبيراً نحو الاستدامة والمساواة، مع إيجاد تقانات جديدة تجعل الحياة أيسر وأجمل. ستكون لنا مغامرات خارج حدود الأرض لاستشكاف عوالم أخرى». سمع الله لك ولنا.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: الذكاء الاصطناعي هو بيقين حلقة جديدة كلياً في مراحل التطور البشري، لا سابقة لها. سارعوا قبل نفاد الذكاء البيولوجي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4yjkbhf9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"