عادي

إكرام النبي للشيماء وجويرية.. قصتا وفاء

23:32 مساء
قراءة 3 دقائق

يذكر محمد شحاتة إبراهيم في موسوعة «السيرة النبوية» عن أبي محمد عبدالملك، أن الشيماء أخت النبي، صلى الله عليه وسلم، من الرضاعة، أمها السيدة حليمة السعدية التي أرضعت النبي، صلى الله عليه وسلم، واحتضنته بادية بني سعد، ولأن فترات الطفولة هي التي تترك أثراً كبيراً في حياة الإنسان، تأثر النبي، صلى الله عليه وسلم، بتلك الفترة التي قضاها في بيت حليمة السعدية، فقد أقام الرسول، صلى الله عليه وسلم، في بني سعد حتى الخامسة من عمرة، يتربى مع بني سعد وينمو في البادية ويخرج مع أولاد حليمة، وأخته الشيماء ترعاه وتهتم به وتلعب معه، وكانت تكبره بستة أعوام وقيل عشرة، وكانت تحب النبي، صلى الله عليه وسلم، ولقد تركت تلك السنوات في نفس الرسول أجمل الأثر، وبقيت الشيماء وأهلها موضع حب وتقدير كبير عند رسول الله طوال حياته.

وتمر السنون، وتأتي غزوة حنين، حيث وقعت الشيماء أسيرة في أيدي المسلمين كأسيرة من قبيلة هوازن في غزوة حنين أثناء الحرب بين المسلمين والكفار، وكانت قد كبرت في السن وتغيرت ملامحها، غير أنها أخبرت المسلمين بأنها أخت النبي من الرضاعة، ولكن لم يصدقها أحد حتى أُخذت إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، ثم أخبرته بذلك وأعطته الدليل، حيث ورد عن ابن إسحاق أنها قالت: «يا رسول الله، إني أختك من الرضاعة، فبسط لها رداءه، فأجلسها عليه وخيرها، وقال: إن أحببت فعندي محبة مكرمة، وإن أحببت أن ترجعي إلى قومك فعلت، فقالت: بل تردني إلى قومي»، فردها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أهلها.

بعد أن سألها الرسول، صلى الله عليه وسلم، إن كانت تريد الإقامة عنده مكرمة أم ترغب في العودة إلى أهلها، حيث اختارت أن تعود إلى أهلها فأعادها، ولكنها كانت قد أعلنت إسلامها، وقام الرسول بإكرامها حتى عادت إلى أهلها بسلام، بل إنه، صلى الله عليه وسلم، قد أكرم بني سعد جميعهم من أجلها، وذلك حينما انتصر المسلمون عليهم، حيث غنموا أموالهم ونساءهم، فطلبوا منه العفو فقال لهم الرسول، صلى الله عليه وسلم: «أما ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لكم»، وحينها قال المهاجرون وما كان لنا فهو لرسول الله، وأيضاً قال الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله، وبهذا أكرمهم رسول الله وأكرمهم المهاجرون والأنصار. فما أجمل من ذلك جبراً للخواطر.

وبعد انتقال النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، وقفت الشيماء تدافع عن الإسلام، حيث ارتد قومها عن الإسلام، فوقفت في وجههم بكل شجاعة لتدافع عن دينها بكل ما تملك من جهد، ودون أي خوف، حتى ذهبت الفتنة عن قومها بفضل الله، وكانت الشيماء، رضي الله عنها، عابدة زاهدة ناسكة، واشتهرت بأشعارها في مدح النبي، صلى الله عليه وسلم، ونصرة دين الإسلام، ومن المعروف عنها أنها كانت سنداً للمسلمين عند الحاجة إليها، وذلك من شدة حبها للرسول، صلى الله عليه وسلم، لذلك كانت من أعظم النساء اللاتي عرفها الإسلام. وقد توفيت بعد العام الثامن من الهجرة النبوية الشريفة.

ويذكر فتحي الإبياري في «الموسوعة المحمدية»، أن الأميرة الحسناء «جويرية بنت الحارث الخزاعية» كانت أعظم بركة على قومها.

تزوجت من ابن عمها صفوان الذي كان من ألد أعداء النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما كانت غزوة بني المصطلق قتل زوجها فيها، وكانت من ضمن السبايا الذين أخذوا في تلك الغزوة. وجاءت إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، تطلب منه أن يعينها في مكاتبتها لعتق رقبتها، فعرض عليها قضاء كتابتها وزواجه بها، فقبلت، فتزوجها النبي، صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقها صداقها، فلما علم الناس بذلك أعتقوا من بأيديهم من الأسرى، إكراماً لأصهار الرسول، عليه الصلاة والسلام، حتى أعتق منهم أهل مئة بيت، فما كانت امرأة أعظم على قومها بركة منها، واختارت الإسلام، وكانت مثالاً للمرأة الصالحة التي ترعى بيتها وزوجها. وعرفت بالاجتهاد في العبادات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ytummsaj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"