بيئة العمل: منصة ابتكار أم حلبة صراع؟

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

تعدّ بيئة وثقافة العمل من أهم ركائز النجاح في أي مؤسسة، فالبيئة المثالية تدفعنا لتغليب المصلحة العامة على المصالح الفردية، وهذا لا يتحقق إلا حين نضع نصب أعيننا الهدف الأسمى للمؤسسة إلى جانب رؤيتنا لتطوير مسيرتنا المهنية.

قد يبدو الأمر بديهياً حين نتكلم عن أهمية بيئة العمل الإيجابية، حيث يعمل الموظفون بروح الفريق الواحد في جوٍّ يحقق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية ويلبي تطلعات الموظفين إلى النمو والإنجاز والتقدير، إلا أننا لا نزال نرى نماذج سلبية عن موظفين فقدوا بوصلة المصلحة المشتركة للعمل ووقعوا في وهم الأنا. يجب علينا أن ندرك الفرق بين التنافس والعدوانية، وبين تقديم الدعم للزملاء وتصيد أخطائهم، فبيئة العمل السليمة تبنى على التعاون والمهنية والابتعاد عن تسجيل المواقف الشخصية، كإطلاق الأحكام أو الوقوف على صغائر الأمور لمجرد إثبات المشاركة أو فرض وجهة نظر معينة، وهو ما يهدر الوقت ويتعارض مع الثقافة التنظيمية الناجحة.

شخصياً لا أفهم المنطق الذي يدفع بعض الموظفين للتعامل ضمن بيئة العمل على هذا النحو والتركيز على ذواتهم. هل هو حب السلطة والقوة والتعصب لرأي ما مهما كانت عواقبه؟ أم هو الخوف من فقد المنصب لحساب من يثبت كفاءة أعلى؟ برأيي بيئة عمل كهذه ينعدم فيها الأمان الوظيفي وتأتي بنتائج عكسية، إذ إن الإضرار بمصلحة العمل المشتركة سيؤثر سلباً في جودة حياة الموظفين ويؤخر تطورهم الذاتي فضلاً عن تدهور الأداء المؤسسي. ومن المؤسف أن نرى البعض يجعل من بيئة العمل ساحة للصراعات وكسب النقاط على حساب الآخرين، في حين يمكننا جميعاً العمل ضمن بيئة صحية وتنافسية والوصول إلى أهدافنا المختلفة وتحقيق ذواتنا دون إلحاق الضرر بالآخرين أو التقصير تجاه مؤسساتنا. يجب أن نعمل على أن تتكامل أدوارنا كفريق واحد وتصب في غاية واحدة وهي المصلحة العامة.

ومع ذلك لا بد أن نكون واقعيين، فمن البديهي أن تختلف ثقافة العمل بين مؤسسة وأخرى، وأن تضم بيئة العمل الواحدة موظفين من خلفيات وتجارب متنوعة، الأمر الذي يدفعني للتفكير بضرورة العمل على تطوير ثقافة العمل في مختلف بيئات العمل، بحيث يعمل كل منا على تطوير ذكائه العاطفي وتعلم مهارات التواصل مع مختلف الشخصيات وفي مختلف المواقف. ولا يتحقق هذا الأمر إلا إذا أيقن الموظف أن هدفه الأسمى هو خدمة المصلحة العامة وخدمة الوطن وليس الدخول في منافسات شخصية تفضي إلى اتخاذ قرارات غير صائبة. وهنا أشير إلى أهمية أن تعمل المؤسسات على تنظيم ورش عمل تدريبية مختصة في التوعية بالقيم والمبادئ، فلكل منا قيم ومبادئ تعمل كبوصلة توجهنا في الحياة، إلا أن العديد منا قد لا يلقي لها بالاً. وهنا أنصح إخوتي وأخواتي في فريق العمل بالتركيز دائماً على الهدف الأسمى للعمل، وأن يلتزموا ببوصلة الأداء السليم للوصول إلى أفضل النتائج.

إن انتماءنا لفريق عمل واحد يحتم علينا أن نكون أكثر حكمة وتقبلاً للآخر. وعلى الرغم من تنوع خلفياتنا الثقافية وتبنينا لقيم وأساليب عمل مختلفة، فإن العمل بروح الفريق يظهر إمكاناتنا الحقيقية ويساعدنا على الوصول إلى النجاح والتميز. وانطلاقاً من هذا الفهم علينا أن نتحمل مسؤولية المساهمة في نشر الوعي بأهمية ثقافة العمل ودورها في ريادة مؤسستنا والحفاظ على مركزها المتقدم على مستوى العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ek36jtb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"