عادي
«كلباء للمسرحيات القصيرة»... صناعة النجوم

علامة مضيئة في تاريخ «أبو الفنون»

23:09 مساء
قراءة 6 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

رغم مرور عشر سنوات فقط على مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، فقد بات هذا المهرجان بحق من المحطات المهمة في مسيرة «أبو الفنون» بالإمارات، وفي الشارقة بوجه خاص. وتنبع أهمية هذا المهرجان الذي نعيش اليوم أجواء دورته العاشرة من تركيزه على الأداء التمثيلي، التمثيل هنا، عتبة أساسية لتأهيل كوادر شابة قادرة على الحركة والتصرف من خلال قوة الجسد التعبيرية والإيحائية، وفي مرتبة لاحقة ولا تقل أهمية، يأتي اهتمام المهرجان بتقنيات الإخراج وعناصر السينوغرافيا، ما يجعله بكل تأكيد مختبراً للتجريب الفني، الذي يؤهل لصناعة نجم مسرحي واثق بقدراته الفنية.

الصورة
1

يعد مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة من أهم المنصات المسرحية في الشارقة وفي الوطن العربي، كونه يُعنى بإعداد الطاقات والمواهب المسرحية، ويسلحهم بالخبرة ومعرفة كافة مفردات وعناصر العرض المسرحي، وقبيل انطلاقة عروض المهرجان، هنالك ورش تدريبية، ومختبر معرفي يعمل على صقل المشاركين من المواطنين والمقيمين على حد سواء، لتبدأ بعدها مرحلة اختيار أعمال من المسرح العالمي من قبل المشاركين، تخضع لعملية اختزال وتكثيف قبل أن تتهيأ للمشاركة والعرض.

عبر عدد من المسرحيين الإماراتيين ل «الخليج»، عن سعادتهم بانطلاقة الدورة ال 10 من «كلباء للمسرحيات القصيرة» بوصفه تظاهرة مهمة تضاف إلى رصيد «أبو الفنون» في الشارقة.

المخرج والممثل إبراهيم سالم أشار إلى أن هذا المهرجان متجدد على الدوام، ففي كل سنة يخرج دفعة جديدة من المسرحيين، وهو يضم العديد من الأنشطة كالندوات والورش الفنية، ويعنى بصقل المواهب على أسس عملية وعلمية، لتتخرج فيه دفعات تمثل في مجموعها عماد مستقبل المسرح ليس في الإمارات فحسب؛ بل في العالم العربي أيضاً.

وذكر سالم أن المهرجان يخلق تنافساً بديعاً وجميلاً بين الشباب، فخلال هذا الموسم يلمس المتابع تلك الجدية الكبيرة لدى الشباب؛ لإثبات وجودهم وخوض عملية التنافس من خلال أعمالهم، وقال: «شعرت بفخر شديد أثناء تواجدي مع هذه المجموعة من الشباب المسرحي خلال هذا العام والأعوام السابقة؛ فهم يحملون قدراً كبيراً من التحدي على تقديم الأفضل، وأشار سالم إلى أنه ظل يشارك شخصياً إلى جانب عدد من المسرحيين الإماراتيين الكبار في الورش والدورات التدريبية للمهرجان.

وأوضح أن «كلباء للمسرحيات القصيرة» يخضع للأعمال المنافسة، وهناك لجان المشاهدة، تزكي صاحب الطرح الأقوى والأفضل، ومن المهم أن يمضي هؤلاء الشباب إلى الأمام، ويواصلوا الفعل المسرحي بأعمال تشكل علامة مضيئة في تاريخهم الفني.

أكاديمية الشارقة

وأعلن سالم أن الجديد في نسخة هذا العام من المهرجان أن اللجان، سواء كانت لجان المشاهدة أو التحكيم، ستضم خريجي أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، فهم سيكونون فاعلين في هذه الدورة، وتلك إضافة كبيرة بالنسبة لهذه المنصة التي يعقد عليها رهان كبير في تطوير «أبو الفنون»، في كل العالم العربي.

وشدد على أن المهرجان له خصوصيته كمهرجان مختلف؛ في جوانب المعرفة والبحث وتلك عملية تعود بالفائدة الكبيرة على المشاركين كما تتيح لهم فرص الولوج إلى عوالم «أبو الفنون» فيطلعون على نصوص كبار المسرحيين في العالم، ويقومون بتكثيف واختزال هذه النصوص، للمشاركة بها في المهرجان؛ وهذا يراكم الخبرة، والتعرف إلى أدق تفاصيل الفن المسرحي.

خلية

وأوضح سالم أن المهرجان عبارة عن خلية نحل، بما فيه من ورش وتدريبات يشرف عليها خبراء في المسرح، وهذا الأمر يتيح تبادل المعارف والمعلومات؛ فالمهرجان بحق بمنزلة أكاديمية أو جامعة لإعداد شباب المسرح، وتأهيلهم للمشاركة في المهرجانات المسرحية المختلفة داخلياً وخارجياً؛ وذلك يؤكد المكانة الكبيرة التي بات يحتلها المهرجان في صناعة النجوم.

من جانبه، أشار الفنان عبد الله راشد، إلى أن «كلباء للمسرحيات القصيرة»، تعتبر منصة متفردة ظلت على مدار أكثر من 10 سنوات تسهم بصورة فاعلة وكبيرة في إثراء الحركة المسرحية؛ حيث قام المهرجان بتخريج العديد من الطاقات الشابة الكبيرة والواعدة على المستويين المحلي والعربي، وهي كوادر مسلحة بالمعرفة ومطلعة على المسرح العالمي، وهذه ركيزة أساسية في بناء أي عمل فني.

نجوم

وأشار راشد إلى العديد من الأسماء التي تخرجت في المهرجان وأصبحت تشارك بقوة في الفعل المسرحي مثل: محمد جمعة، وأحمد عبدالله راشد، ومهند كريم وغيرهم، وهؤلاء تم صقل مواهبهم في مختبر كلباء للمسرحيات القصيرة، فصاروا نجوماً في سماء المسرح الإماراتي، ولهم العديد من المشاركات الخارجية، واستطاعوا أن ينتزعوا الكثير من الجوائز، لافتاً إلى أهمية وتفرد هذا المهرجان الذي يمكن المشاركين من استيعاب كافة التجارب الإبداعية في العالم، وهذا يظهر بصورة مباشرة من خلال العروض التي يقدمونها في المهرجان، وعبر مشاركاتهم الأخرى سواء في مهرجان «أيام الشارقة المسرحية»، أو بقية المهرجانات المحلية والخارجية، داعياً إلى ضرورة استمرار هذه المنصة المختلفة وإلى تطويرها أكثر والمحافظة عليها.

دورات تدريبية

ولفت راشد إلى أن أهم ما يميز «كلباء للمسرحيات القصيرة»، تلك الدورات التدريبية في مختلف عناصر العرض المسرحي، والتي تسبق عملية تقديم العروض، هذه الدورات بمنزلة مختبر حقيقي، لإعداد الممثلين والمخرجين وكتّاب النصوص والمشتغلين في مجال السينوغرافيا وكافة مفردات الفعل المسرحي؛ ويشرف عليها مسرحيون وخبراء معروفون بإنجازاتهم في «أبو الفنون».

المخرج سعيد الهرش، هو واحد من المواهب الكبيرة التي تخرجت في مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، وهو يؤكد أهمية هذا الحدث الكبير الذي يتمثل في انطلاقة دورة جديدة من المهرجان، هذا المهرجان الذي أسهم بدور ملحوظ في إثراء الفعل المسرحي وتنشيطه على مستوى الدولة، وله أثره الكبير في العالم العربي؛ ذلك أن المشاركة في المهرجان ليست مقيدة؛ بل مفتوحة لكل الشباب العربي.

ولفت إلى أن العروض المقدمة نفسها، يتم اختيارها من بين درر وروائع المسرح العالمي، وهو أمر له فائدته الكبيرة في إعداد وتأهيل المشاركين. مختبر

وذكر الهرش، أن المهرجان يشتمل على دورات ومختبر في شتى تفاصيل الفعل والممارسة المسرحية قبيل انطلاق العروض؛ حيث ينال المشارك الكثير من المعرفة والعلوم في مجال «أبو الفنون»، وهي عملية شديدة الأهمية؛ إذ تصقل موهبة المسرحيين من جيل الشباب الواعد في مختلف مفردات المسرح من مخرجين وممثلين وفنيين ومتخصصين في مجالات السينوغرافيا وتصميم الإضاءة وغيرهما من عناصر العرض المسرحي.

إعداد المسرحيين

وشدد الهرش، على أن استمرار وتطور الفعل المسرحي في الإمارات منوط بمثل هذه المهرجانات التي تقدم المعرفة والخبرة للمشاركين، فالدورات التدريبية مسألة في غاية الأهمية لإعداد الشباب وتأهيلهم، تمهيداً لانخراطهم في الحراك المسرحي؛ وذلك ما ظل يفعله هذا المهرجان المختلف والفريد، على المستويين المحلي والعربي؛ إذ صار في كل عام يخرج أعداداً من المبدعين الجدد في أعمار صغيرة، ولعل أهم ما يميز هذه المنصة المسرحية هي استقطاب الشباب من الفئات العمرية المختلفة عبر كل إمارات الدولة من مواطنين ومقيمين، وبالتالي فإن المهرجان يسهم بصورة فاعلة ومستمرة في تطوير المسرح الإماراتي، وضمان مستقبل زاهر لمثل هذه الكفاءات التي ستثري الساحة المحلية والعربية بالأعمال المميزة. التخصص

ولفت الهرش إلى مميزات هذا المهرجان، وأبرزها التخصص، فكل مشارك فيه، يحرص على انتقاء مفردة معينة في العمل المسرحي؛ وذلك الأمر يسهم في إبراز مهارة المشاركين، وهناك دورة في غاية الأهمية تسبق مرحلة تقديم العروض، لها دور في تفجير طاقات المشاركين، وهي ورشة عناصر العرض المسرحي المتكامل، والتي هي بمنزلة مختبر حقيقي يقدم للشباب كل تفاصيل العرض الفني.

عرس

هو عرس ثقافي مسرحي نظل نحن كفنانين وجمهور في المنطقة الشرقية ننتظره بفارغ الصبر من أجل الاستمتاع بالعروض والنشاط الإبداعي والفكري والنقدي، هكذا تحدث المخرج فيصل الدرمكي، وهو أحد المبدعين الذين كرمهم المهرجان، في سياق حديثه عن الدورة الجديدة من «كلباء للمسرحيات القصيرة»، مشيراً إلى أن المهرجان هو ضمن الجهود الكبيرة التي ظل يقوم بها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، من أجل تطوير المسرح في الدولة والعالم العربي أجمع.

وذكر الدرمكي أن من الفوائد الكبيرة لهذا المهرجان أنه جعل اسم مدينة كلباء يتردد في الأوساط المسرحية المحلية والعربية والعالمية، باعتبارها تحتضن هذا الحدث المسرحي المتميز والفريد، ما يشير إلى أن المهرجان هو منصة ثقافية وسياحية، فهو يروج لهذه المدينة التي عرفت بالمبدعين في كافة المجالات، وهي التي تزخر بجمهور محب ووفي للمسرح، يظل يترقب المهرجان في كل دورة جديدة.

تكريم

ولفت الدرمكي إلى أن ما أثلج صدورهم كفنانين وجمهور في المنطقة الشرقية، هو انتماء الشخصية المكرمة في هذه الدورة الجديدة إلى المنطقة الشرقية، وهو الفنان والمبدع المسرحي الكبير علي القحطاني، وهو بمنزلة تكريم لكل فناني المنطقة، لافتاً إلى أن المهرجان بات يحتل مكانة كبيرة، ويشهد تطوراً مستمراً، ويمارس دوره الذي عرف به في صقل المواهب المسرحية وتقديمها إلى الساحة من أجل تقديم إبداعاتها في المناسبات والمهرجانات المختلفة؛ وذلك الأمر يشير إلى مكانة الشارقة الكبيرة في تطوير الفعل المسرحي.

اقرأ أيضاً:

مهرجان كلباء.. وعي التجربة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/f2h54wrw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"