تجربة التعافي من «كورونا»

03:04 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

في ظل الغموض المستشري حول فيروس «كورونا» المستجد، ما يزال العالم بأجمعه يعاني تداعيات هذه الجائحة الخطرة، التي خلّفت أكثر من 70 ألف وفاة، وتجاوزت المليون و300 ألف مصاب، على الرغم من أن حالات التعافي من الوباء، بدأت تزداد من بلد إلى آخر؛ بسبب إجراءات الطوارئ الصحية المشددة المتخذة في معظم البلدان، والتي أثمرت عن نتائج إيجابية نسبياً، على الرغم من الألم الكبير على فقدان الأرواح.

الصين أصبحت مضرب المثل في مكافحة الوباء، وهي التي كانت منطلقه، وعرفت قبل جميع بلدان العالم، أحد فصول هذه المأساة؛ لكنها بعد نحو شهرين من إغلاق موطن الفيروس في ووهان؛ بدأت الحياة تعود بالتدريج، وسط ارتياح رسمي وشعبي، لجهود الدولة والطواقم الطبية، وما ساعد على التعافي السريع؛ هو وعي المواطنين هناك، والتزامهم بكل إجراءات السلامة و«السمع والطاعة» لكل ما تقوله السلطات.

وحين توفر الحزم والانضباط؛ تم التقليص إلى حد كبير من انتشار الوباء، بينما الدول التي هونت من خطر الجائحة في أوروبا والولايات المتحدة مثلاً، فقد أصبحت في قلب المحنة، ودفعت ثمناً باهظاً؛ بشرياً واقتصادياً وسياسياً، فثلاثة أرباع الوفيات، وأكثر من نصف إجمالي الإصابات موجودة في أوروبا، بينما باتت الولايات المتحدة البؤرة الأكبر، ومثلما توقع رئيسها دونالد ترامب، فإن أياماً صعبة، إضافة إلى «موت الكثيرين»، وهو الذي هون من الوباء، ومدى تأثيراته في بادئ الأمر؛ لكنه عاد متأخراً ليقر بخطورة الوباء، ويدعو إلى تغيير استراتيجيات مكافحته، وإنقاذ الناس من افتراسه.

بالعودة إلى التجربة الصينية، لا يمكن حصر النجاح النسبي المتحقق ضد «كوفيد 19» في الصرامة والانضباط والوعي الشعبي فقط، وإنما يتجاوز الأمر ذلك إلى إرث الشعب الصيني في مقاومة الفيروسات. وإذا كان من الصعب مقارنة «كوفيد-19» بأي فيروس قبله، فإن للصين تجربة قبل ثمانية عشر عاماً مع فيروس «سارس» الذي انتشر في عدد من البلدان، وأسفر عن مئات الوفيات، كما يحفل تاريخ الصين الحديث والقديم بمواجهات عديدة للفيروسات التنفسية، وهذا الأمر كله أكسب الصينيين ثقافة في الوقاية من هذه الأوبئة، وألهمهم البحث عن وسائل للعلاج. وعندما عجز التطور العلمي والطبي عن مجابهة «كورونا»؛ لجأ الصينيون إلى «العلاج الشعبي» الذي استخدمه الأوائل؛ لكنه لم يفلح أيضاً في الحد من خطر هذا الفيروس غير المألوف.

ليست الصين وحدها التي يبدو أنها أخذت طريقها للتعافي من «كورونا»، ففي عتمة الخوف والقلق، جاء من النرويج خبر يمكن أن يفتح بارقة أمل، فقد أعلنت سلطات أوسلو أن الوباء بات تحت السيطرة مع تراجع عدد الإصابات والوفيات، والأمر نفسه سينطبق تدريجياً على الدول الأوروبية الموبوءة؛ مثل: إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، وحسب البيانات الصحية اليومية، يبدو أن ما يُسمى ب«ذروة الجائحة» قد تم تجاوزها أو كاد، لتكون هناك فرصة لتضميد الجراح، والبدء في تناسي الذكريات المريرة ل«كورونا» لا أعاده الله على البشرية جمعاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"