مجزرة حمص

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما تدين دولة الإمارات الهجوم الإرهابي الذي استهدف الكلية الحربية في مدينة حمص السورية والذي أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين أهالي الضباط الخريجين، وكل الجرائم الإرهابية المماثلة في أي مكان في العالم، إنما هي تعبّر عن موقف واضح بضرورة مواجهة الإرهاب بكل أشكاله؛ لأنها ترى فيه خطراً يهدد الإنسانية، والقيم الأخلاقية، القائمة على التسامح والاعتدال والانفتاح والتعايش؛ كونه يقوم على التطرف والعنف والكراهية ونبذ الآخر.

 المجزرة التي استهدفت، يوم أمس الأول، تخريج دفعة من ضباط الكلية الحربية السورية بمنطقة الوعر في حمص، في الذكرى الخمسين لحرب تشرين/ أكتوبر، جاءت للتذكير بمجزرة مماثلة وقعت في يونيو/ حزيران من عام 1979 في كلية المدفعية بمدينة حلب والتي ارتكبتها مجموعة من «جماعة الإخوان المسلمين» بقيادة النقيب إبراهيم اليوسف، تُسمى «الطليعة المقاتلة»، وراح ضحيتها نحو خمسين طالباً من الضباط العزل.

 المجزرتان اللتان يفصل بينهما 44 عاماً، نفذتهما نفس المجموعات الإرهابية، لكن بأسماء مختلفة. وإذا كان مرتكبو مجزرة كلية المدفعية، تم التعرف إليهم، وإلى انتماءاتهم، ونالوا العقاب الذي يستحقونه، إلا أن مرتكبي مجزرة الكلية الحربية في حمص، وإن لم تعرف هوياتهم وانتماءاتهم بعد، لكنهم في النهاية يصبّون في نفس المجرى الإرهابي الذي يستهدف الإنسان، وحقه في الحياة، كما يستهدف الدولة؛ بهدف تدمير مقومات وجودها واستقرارها وأمنها ووحدة شعبها.

 أراد الإرهابيون توجيه رسالة في ذكرى حرب تشرين (أكتوبر) التحريرية التي استشهد فيها آلاف الجنود المصريين والسوريين؛ بهدف استرجاع الأرض، واسترداد الكرامة العربية، كما وحاول الإرهابيون تسديد ضربة معنوية للجيش السوري الذي يخوض حرباً شرسة ضد المنظمات الإرهابية منذ عام 2011، ويواجه مع الشعب السوري أعتى ظروف الحرب والحصار السياسي والاقتصادي.

 وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن المجزرة باستخدام طائرات مسيّرة محملة بالقنابل الموجهة، فإن أصابع الاتهام تتوجه إلى الفصائل الإرهابية المتواجدة في أرياف إدلب؛ مثل «جبهة النصرة»، أو فلول «داعش» في منطقة البادية وعلى مقربة من «قاعدة التنف» الأمريكية عند مثلث الحدود السورية - العراقية  الأردنية.

 بيان وزارة الدفاع السورية الذي وصف المجزرة بالعمل الإجرامي غير المسبوق، حمّل المنظمات الإرهابية مسؤولية الهجوم، وأشار إلى تورط جهات دولية معروفة لم يسمها، في دعم هذه التنظيمات.

 السؤال الذي طرح بعد الهجوم هو، من أين انطلقت الطائرات المسيّرة ومن قام بإطلاقها؟ وما الآليات التي استخدمت وطريقة توجيهها بهذا الشكل الدقيق؟ هل انطلقت من منطقة إدلب أم من منطقة البادية؟ خصوصاً أن مواقع الإرهابيين في المنطقتين بعيدة عن موقع الكلية لمسافات لا تقل عن مئة كيلومتر، فهذا يعني امتلاك هذه التنظيمات تقنيات حديثة لإطلاق المسيّرات التي لديها القدرة على الطيران لمسافات بعيدة، وإصابة الهدف بدقة، وهذا يعني أن هناك جهة ما وفرت التقنيات والقدرات اللازمة، التي لا تملكها إلا دول.

 المجزرة تفتح الباب أمام تصعيد عسكري جديد، قد يضع حداً لاتفاقية «خفض التصعيد» الموقعة في عام 2017 في إطار مفاوضات أستانا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3x3j37ex

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"