عبث بالحياة

01:36 صباحا
قراءة دقيقتين

من أكثر المخالفات المقلقة في طرقاتنا اليوم ما يتعلق بالانشغال بغير الطريق والعبث بالهاتف الذي كان سابقاً يتم عبر التحدث فقط، لكن الأمور استفحلت حالياً، ولم يعد الانشغال مؤقتاً بمكالمة ما، وإنما بالتحديق في الشاشة طوال الوقت والتفاعل مع برامج التواصل الاجتماعي، وهو الذي جعل المركبات تسير على غير هدى، ويفقد سائقوها السيطرة عليها، ويفشلون في التعامل مع المواقف الطارئة.

للأسف بتنا نعيش وضعاً جديداً يحتم علينا التعايش مع هذه الفئة من السائقين التي تحتاج إلى من يرشدها وينبهها على الدوام، ويتبع معها أسلوب القيادة الوقائية خوفاً من التورط معها في حادث مروري نتيجة عدم الانتباه، رغم أن أجهزة الشرطة تعكف دائماً على التنبيه من خطورة هذا التصرف وانعكاساته السلبية، وتبث على الدوام مقاطع من كاميرات الطرق ترصد كثيراً من المواقف التي تسببت في حوادث كبيرة بسبب عدة ثوانٍ انشغل بها السائق بهاتفه وهو يظن أن الأمور تحت السيطرة.

شرطة دبي التي تستخدم أنظمة ذكية لرصد مستخدمي الهاتف خلال القيادة والانشغال بغير الطريق، رصدت 99 حادثاً خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، نتج عنها وفاة ستة أشخاص، وهي على الدوام تحذر من هذه المخالفة التي تهدد أرواح الأبرياء، خاصة أن استخدام الهاتف أثناء القيادة يشتت انتباه السائق، ويضاعف احتمال وقوع الحوادث، كونه يتسبب في تعطيل جانب كبير من الوظائف الحيوية الضرورية للقيادة الآمنة.

ومع إدمان وسائل التواصل واستخدام الهاتف من الناس، زادت ساعات النظر إلى شاشته والتفاعل معها، بل إن كثيراً من السائقين اليوم يستعينون بقواعد تثبيت للهاتف تقربهم إليه أكثر من شاشة ومؤشرات التحكم في السيارة، لدرجة أن ثمة قواعد تباع اليوم في الأسواق تثبت الهاتف على عجلة القيادة ليكون قريباً للسائق، لكنها تعرضه في الوقت نفسه لخطر أكبر وأشمل.

المشكلة التي يعانيها هؤلاء أنهم يعتقدون أن النظر لشاشة الهاتف لثوانٍ معدودة، لن يؤثر في تحكمهم بالمركبة، لكن عند الوقوع في أول حادث نتيجة ذلك، يدركون أن هذه النظرية خاطئة، وأن ثانية واحدة من النظر قد تشكل فارقاً في السيطرة وفقدان التحكم، خاصة أن قدرة الإنسان على التصرف بسرعة لتجنب الخطر القادم تقل أثناء استخدام الهاتف، خصوصاً عند تصفح شبكات التواصل الاجتماعي والرد والتفاعل معها، بل إنه يجد نفسه متورطاً في مخالفات أخرى كالانحراف المفاجئ.

ثمة سلوكيات ينبغي النظر إليها بعناية والتفكر في آثارها والعمل على التخلص منها فوراً وعدم انتظار وقوع حادث أو مأساة لإدراك خطورتها، لأن الموضوع ليس مجرد عبث بالهاتف، وإنما عبث بحياة الناس.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/55ckk9a8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"