بالبصيرة لا بالبصر

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

أوضاع صعبة وأزمات يمر بها العالم اليوم، تجعله ربما ينشغل عن بعض القرارات التي سبق أن تعهد بالالتزام بها وبتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق أهلها، خصوصاً إذا تعلق الأمر بأصحاب الهمم وحقوقهم وواجبات المجتمع نحوهم. الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول هو اليوم العالمي للعصا البيضاء، أي أصحاب الهمم من المكفوفين، وقد تم تحديده من أجل تذكير العالم بضرورة دعم هؤلاء المبصرين بقلوبهم وأحاسيسهم، والتأكيد على دعمهم في مختلف المجالات ومساعدتهم للانخراط في المجتمعات ونيل حقوقهم.

الإمارات دولة لا يفوتها أن تتذكر وتحتفل بمثل هذه المناسبات، فلطالما وضعت أصحاب الهمم وقضاياهم وحقوقهم من بين أبرز اهتماماتها، فهل تنسى اليوم مثل هذه المناسبة؟ وهل تنسى ما لهؤلاء الأبناء من حقوق وما على المجتمع من واجبات كي يتم التوازن بين الطرفين، ويكتمل انخراط أصحاب الهمم وأصحاب العصيّ البيضاء في المجتمع حين ينتشر الوعي اللازم بين الناس بما يحتاجه هؤلاء الأبناء وما هي حقوقهم وكيف نجعلهم جزءاً فاعلاً داعماً لا يتجزأ من هذا المجتمع.

«العصا البيضاء» مصطلح أطلق للدلالة على أهمية هذه الوسيلة لمساعدة المكفوفين في تحقيق جزء من الاستقلالية الذاتية، حيث تساعدهم العصا في القدرة على الاعتماد على النفس والتنقل بمساعدتها في كل مكان. وبقدر ما يعتبر الإحساس بالاستقلالية والسعادة بالقدرة على الاعتماد على الذات مهمين، فإن دعم المجتمع والمؤسسات لأصحاب الإعاقة البصرية بالغ الأهمية، لأنه يفتح أمامهم أبواباً كثيرة من الأمل ويتيح لهم بالبصيرة لا بالبصر المساهمة في بناء المستقبل، والتعاون مع الآخرين كشركاء حقيقيين في المجتمع، لهم حقوقهم وعليهم واجبات، يستغلون قدراتهم لتحقيق إنجازات لا شك تكون مميزة.

دمج الطلاب من أصحاب الإعاقة البصرية يسمح لزملائهم المبصرين برؤية الأشياء بطريقة مختلفة، الحكم على الأمور بمنظور أكثر عمقاً، اجتياز الشكل والمظهر وما تبصره العين لرؤية المضمون وما تبصره النفس ويتفاعل معه العقل والمشاعر؛ وإذا كانت العصا البيضاء هي الوسيلة التي يستعين بها المكفوف ليتحسس طريقه بشكل سليم، فإن المكفوف نفسه بمثابة العصا البيضاء التي ترشد زميله السليم إلى الجوهر فيتحسس طريقه نحو الاختيار الإنساني السليم. الاستفادة من هذه المناسبة ضرورية من أجل التوعية بأهمية معالجة البصر، ولا يعتبره المرء من الأشياء الثانوية ولا من الرفاهية، فيكفي أن تعلم، كما تقول منظمة الصحة العالمية، أن نصف من يعانون من ضعف الرؤية تقريباً، كان بإمكانهم معالجته بل حتى تجنبه بالاهتمام والعناية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4c6jz2yk

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"