قمّة القاهرة وامتحان الإنسانية

00:43 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

سعت «قمة القاهرة للسلام»، التي انعقدت يوم أمس، إلى تشخيص الأوضاع في الصراع الدائر بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتداعيات الخطرة المحتملة على المنطقة، إذا لم يتوقف التصعيد الذي ينذر بتهديدات كبيرة، قد تضع المنطقة أمام تحديات غير مسبوقة، في ظل انعدام التوافق الدولي على صيغة مشتركة، تعيد قطار السلام إلى سكته.

«قمة القاهرة» كانت بمستوى الأحداث الاستثنائية الجارية، وتميزت بحضور عربي ودولي كبيرين، وتغطية إعلامية واسعة. وكان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، من أبرز القادة المشاركين. وفي حضور سموّه تأكيد لجهود الإمارات الدؤوبة ضمن العمل المشترك مع أشقائها وأصدقائها، للحيلولة دون توسع الصراع عبر الوقف الفوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وقد عبّر صاحب السموّ رئيس الدولة عن هذا الموقف في كل اتصالاته منذ تفجر الأزمة، وشدد على ذلك مجدداً في «قمة القاهرة»، وقبلها في «قمة الرياض» بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا «الآسيان».

لقد حاولت «قمة القاهرة للسلام» جمع المشاركين على كلمة واحدة، تحول دون اتساع رقعة الصراع، وتسعى إلى إنهاء الأزمة الإنسانية الخطرة في قطاع غزة من جرّاء القصف غير المسبوق الذي تشنه القوات الإسرائيلية. وأصاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما اعتبر أن ما يجري «أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا قبل مصالحنا»، وعندما تساءل عن قيم الحضارة التي شيّدتها البشرية على امتداد الألفيات والقرون، وعن هذا التفريق بين أرواح البشر والمعايير المزدوجة التي تكيل بمكيالين.

ويبدو أن المعايير المزدوجة التي تكيل بمكيالين هي التي قادت المنطقة إلى هذا «الكابوس المروع»، على حد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والذي يهدد بنسف كل الأسس التي يمكن أن تقود إلى سلام واقعي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يجنب المنطقة دوامات الحروب وموجات العنف التي تتراكم عبر الأجيال، وتهدد مستقبل العيش المشترك، بسبب تجاهل مناقشة جذور الصراع التاريخي، ومحاولة طمس الحقائق والوقائع، وتصفية عملية السلام التي انطلقت منذ ثلاثة عقود، وفشلت في تحقيق مرادها المنشود، وهو التوصل إلى حل عادل يسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ما يدور في قطاع غزة من اعتداءات إسرائيلية، ومجازر مروعة، وخطط لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، لا يخدم السلام، وإذا لم يتم وقف هذا التوتر المتصاعد في أقرب وقت، ستعود الأوضاع إلى المربع الأول للصراع، وسيتم نسف آمال شعوب المنطقة في الاستقرار والتنمية والازدهار، وهو ما يجعل من الإقليم كله مسرحاً لمواجهات دولية متعددة تحت تأثير التنافس الناشئ بين أقطاب مختلفة، كلٌ يريد المحافظة على مصالحه، ولو على حساب الآخرين.

بالتزامن مع القمة، دخلت أولى شاحنات الإغاثة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي بشمال سيناء، وقبل ذلك بساعات، أُطلق سراح رهينتين أمريكيتين كانتا محتجزتين لدى حركة «حماس»، وقد تمثل هاتان الخطوتان بارقتي أمل، ولو ضعيفتين، لتدارك التصعيد الجنوني، وربما تدفعان إلى بذل مزيد من الجهود، لوقف هذه الحرب المجنونة، وتجنيب المنطقة تهديدات لا يمكن تقدير حجمها ومخاطرها في الوقت الراهن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdfnb4ed

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"