هذا أوان العقول الحكيمة

01:05 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يمكن أن يحلم العالم العربي بقبس أمل في آخر هذا النفق، الذي لا أحد يعرف إلى متى سيطول؟ «أقصيرٌ طريقنا أم يطولُ؟» في كل يوم تزداد الأمور تعقيداً وانزلاقاً نحو الهاوية الكبرى على صعيد الكوكب. صارت احتمالات اندلاع حرب عالمية أسهل من حديث الرصد الجوّي عن زخّات مطر في الغداة، من أوكرانيا إلى تايوان عبر الشرق الأوسط.

هل ترى في ذلك من تشاؤم؟ أوضاع العالم المتوترة تنجرف إلى ما يشبه التدويل القسريّ. المقلق في هذه الألفيّة الثالثة، هو ترسيخ التكتلات وتوسيع تشابكاتها. في القرن الماضي نُكب العالم بحربين عالميتين، وحرب باردة لا تقلّ سوءاً عن الحروب الحامية الدامية. حرب أوكرانيا لم تمتدّ نيرانها إلى العواصم الأوروبية، لكنها أخلّت بتوازن كل بلدان القارّة العجوز وأمريكا الشمالية. إفريقيا لم تكن لها ناقةٌ ولا جملٌ في نزاعات الأزمة الأوكرانية وطرفيها الاستراتيجيين المعنيين، روسيا والصين، طبقاً للشرح المفصّل في كتاب زبغنيو برجنسكي: «رقعة الشطرنج الكبيرة»، ومع ذلك أصابت الشظايا الأفارقة فازدادوا جوعاً على جوع، إلى الحنطة وزيت دوّار الشمس.

هل يمكن أن يحلم العالم العربي ببصيص أمل في حلّ عادل للقضية الفلسطينية يضع حدّاً للحروب لتتفرّغ الشعوب للتنمية؟ هل يستطيع العقلاء أن يوصلوا صوتهم أو أصواتهم، من دون أن تسري النار في هشيم الكوكب الهش؟ بلدان الشرق الأوسط ليس في مقدورها تحمّل تعدّدية الأطراف من المنطقة ومن خارجها. أي أن العالم العربي محطّم في دول عدّة منه، فهل المشهد يحتمل المزيد؟ على الذكاء والحنكة السياسية أن يستخدما كل الأساليب الممكنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الخريطة العربية المتصدّعة. يجب العمل على التطبيق الحكيم لمقولة «السياسة فنّ الممكن»، بحيث يتسنّى الحدّ من سيطرة الانفعالات على الواقع، تجنّباً للعواقب الوخيمة الجارفة.

اليوم لا يستطيع أي عقل استراتيجي عبقري عربي، أن يتوقع ولا حتى بنسبة 5% ما ستؤول إليه الأمور. الخطر أن تتوسّع المديات الجيوسياسية الجيوستراتيجية، فتفضي إلى صراع مادّي على النفوذ في الشرق الأوسط وكل المنطقة العربية. وما الذي يمنع عندها من أن تكتمل اللعبة بجبهة في تايوان، وحينئذ هل يقوى مفكر أو مراقب على القول إن الحرب ليست عالمية؟ إذا كان العرب متعدّدي الأفكار والتوجهات في مواقف كثيرة، فإن على العقلاء أن يُعملوا النظر الثاقب، فالشعوب أمانة في رقابهم.

لزوم ما يلزم: النتيجة المتنبّويّة: ألم يقل أبو الطيب: «الرأي قبل شجاعة الشجعانِ.. هو أوّلٌ وهي المحلّ الثاني»؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56cy68bj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"