يونس السيد
تحولت قضية الاتهامات الموجهة لروسيا بالتدخل في الانتخابات حول العالم، بحسب بعض التقارير الاستخباراتية إلى معضلة غربية وأمريكية على وجه الخصوص، تحمل في طياتها ظاهرة «الروسفوبيا» على غرار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي انتشرت في الغرب، رغم عدم تقديم دلائل جدية على التورط الروسي في تلك الانتخابات.
قبل أيام قليلة، نشر تقرير للاستخبارات الأمريكية يتهم روسيا بتجنيد كل ما لديها من شبكات تجسس، علاوة على الإعلام الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي لتقويض ثقة الناس في الانتخابات التي تجرى في معظم دول العالم، خصوصاً الديمقراطيات الغربية، ومنها الولايات المتحدة، معيداً إلى الأذهان الاتهامات التي وجهت لروسيا بالتدخل في انتخابات عام 2016 التي فاز فيها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، وأيضاً انتخابات 2020 التي فاز فيها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، ملمحاً إلى محاولات تكرار مثل هذا التدخل في انتخابات عام 2024 المقبلة.
وتتحدث الإدارة الأمريكية عن أنها أرسلت التقرير إلى سفارات 100 دولة لتتشارك معها المعلومات في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا الشمالية، باعتبار أن التدخل الروسي أصبح ظاهرة عالمية.
ويركز التقرير على أن روسيا بذلت «جهوداً منسقة» بين عامي 2020 و2022 لتقويض ثقة الناس في 11 عملية انتخابية على الأقل في تسع دول ديمقراطية من بينها الولايات المتحدة، إضافة إلى 17 دولة إضافية من خلال أساليب «أقل وضوحاً» سعت إلى تضخيم روايات تمس بنزاهة الانتخابات. لكن رغم كل ذلك، فإن التقرير لا يقدم أية أدلة ملموسة حول التدخل الروسي المزعوم، ولا يزيد، بحسب السفير الروسي في واشنطن، عن جمع شائعات وتكهنات مفعمة ب «الروسفوبيا»، ويعبر عن عدم يقين الإدارة الأمريكية بشأن صحة وفعالية حل المشاكل داخل الولايات المتحدة وعلى الساحة الدولية.
لكن الأهم من ذلك هو أن هذا السجال يدخل في إطار الصراع القائم بين روسيا والغرب، إذ بات من الواضح أن استمرار محاولات شيطنة روسيا يذهب باتجاه القطيعة النهائية بين روسيا والغرب، وقطع الطريق على قيام نظام عالمي جديد يخلو من الهيمنة الغربية على مقدرات العالم وهو أمر لا يفيد البشرية، التي باتت بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى التعاون والعمل لمواجهة التحديات المشتركة وحل الأزمات المتفاقمة التي تواجه الإنسانية، بدءاً من إعادة الالتزام بالمعاهدات النووية الاستراتيجية وضبط انتشار أسلحة الدمار الشامل وحتى إيجاد الحلول للأزمات الدولية المتفاقمة وإطفاء بؤر الصراع المتفجرة في العالم.
