التعامل مع الحزن

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

شيماء المرزوقي
حالة الحزن تمر بنا جميعاً، هناك الأحزان المتواضعة السطحية التي تنشأ بسبب مواقف عابرة، وليست ذات عمق في النفس، وهناك أحزان مدوية تكون ضاربة العمق في النفس البشرية، وذات تأثير بالغ وجسيم في مسيرتنا الحياتية.

الأحزان الكبيرة التي ترافقنا لفترة من الزمن، تترك بصمتها على النفس والروح، وتترك آثاراً لا تمحى سريعاً، تترك ما يشبه الندبات الواضحة، وكما يقال فإن الحزن يكسر الروح والقلب، معاً.

ومع أن الحزن حالة مدمرة إن تلبست بالإنسان، ومع أن هناك فهماً واسعاً لآثاره السلبية، إلا أن الواقع مختلف تماماً، وأقصد عندما تقع حادثة فقدان، مثل وفاة إنسان مقرب، أو حتى عندما نفشل في بلوغ هدف ما، بينما كنا متأكدين تماماً من تحقيقه، أو نحوها من الأحداث الحياتية، التي تحمل مفارقات ومواقف، لا يمكن توقعها، أو لا يمكن وضعها في نسق محدد. هنا يحضر الحزن، عميقاً وفادحاً، وتصبح الكلمات معه لا قيمة لها، وتصبح المواساة مالحة، ويجب أن نعيش اللحظة، كما يقال، والمشكلة عندما يرافق هذا الحزن إحساس بالذنب، وتأنيب الضمير، هنا تكون مشكلة الحزن مزدوجة، وأكثر تعقيداً.

مشاعر الإنسان، بصفة عامة، واهنة، وحساسة، ويصعب التعامل معها، ومشاعر الحزن تحديداً، هي واحدة من أكثر الأحاسيس والمشاعر صعوبة، خاصة عند تجربتها والمرور بها، والصعوبة هي للنفس التي تحمل هذه المشاعر، مشاعر الحزن، وصعوبة لمن يحاول التخفيف عمّن أصيب بها ويواسيه، فالأمر شديد الحساسية.

ومع هذا فإن الحزن يجب أن يتوقف، مهما طال. ومهما بقيت آثاره، فإن الخروج منه بدهي، وهي مسألة وقت لا أكثر.

صحيح أنه قد لا يختفي، وقد لا يزول نهائياً؛ حيث تبقى آثاره، لكنه سيهدأ بشكل تدريجي، المهم أن نمنحه المساحة التي يحتاج إليها، للتعبير، أو حتى لخروج الأفكار والمشاعر السلبية، ومع مرور الوقت، سيكون التعامل مع كل من تتلبس به حالة الحزن، أكثر قبولاً، وأكثر استعداداً.

النصيحة التي قد نغذي بها أنفسنا، هي القناعة، وأقصد أن نفهم ونقتنع بأن الأحزان التي تنتج عن مواقف وأحداث حياتية، لا قدرة لنا على وقفها أو صدها، هي بدهية، والتسليم والرضا بقضاء الله وقدره، إحدى خصال الإيمان، والمطلوب فهم هذه الحقيقة الكونية، وليس الهدف عدم الحزن، وإنما جعل أحزاننا في نطاق محدد، وواضح، وضيق، لا أكثر.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/9jw4e5xx

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"