عادي

نتأبط كتباً

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
شيخة المطيري

مبهر معرض الشارقة للكتاب وهو يختار شعاراته بأناقة ثقافية عالية، وكأنه يودع في صندوق رسائلنا بطاقة بريدية تحمل صورة الشارقة، بمكتباتها ومؤسساتها الثقافية، ومراكزها العلمية، ومجامعها المتخصصة. وتوصل لنا هذه البطاقة بمفرداتها العريقة رسائل تتجدد مع تجدد موعد المعرض.

الشارقة هيّأت للكتاب مساحة آمنة لينشأ على أرضها. فشمخت مكتبة الشارقة العامة التي أرّخت استقرارها على الرمل الطيب عام 1925م. فأورقت الأيام حولها حواراً يومياً عن الكتب، متصلاً بما كان قبل هذا التاريخ بين أنفاس المكتبات الخاصة للعلماء.

وها هي البطاقة البريدية تكمل رحلتها حاملة على زاويتها طابع بريد يضمن وصول الرسالة ويحمل في تفاصيله رائحة التاريخ البريدي للإمارة. ومعه نسافر عبر تلك الذاكرة التي حملت جزءاً من رحلة وصول الرسائل للمدينة عبر بريدها الجوي. وتحديداً حين هبطت الطائرة (هانو) عام 1932م لتوصل البشر والبريد، وفي رحلة قراءة الرسائل نجد أن بعضها تخط بين حديثها أخباراً عن الكتب، عن طباعتها ونشرها وكيفية الحصول عليها. وتتعاقب الأيام بنهارها وليلها ويكثر الكلام عن الكتب والكتابة والمكتبة.

وتكبر المكتبات وتنضج وتتضح ملامح التأليف والطباعة، ويتواصل المثقفون ويجتمعون لطرح القضايا المعرفية والآراء الفكرية. ويدثرون مجالسهم بالحديث عن الأدب والشعر والإبداع. وكانت الطرق التي تؤدي إلى الثقافة تأتي من الكتب، تُعبّد للقادمين من الأجيال الجديدة سبل رحلة التعامل مع الكتاب.

نعم الحياة تتحدث كتباً، وهذا الحديث ينمو مع النمو الطبيعي للغة والقياس الذي أضاف للمعجم كلمات ومصطلحات جديدة، وكنت منذ طفولة اللغة بين جوانحي وأنا أتلقى أبجدية الكتابة وأتماهى مع بيان البلاغة وبديعها، كنت أفكر وأتخيل أننا نستطيع أن نبتكر لغة خاصة لا يتحدثها سوى مجموعة من البشر أو البشر ومقتنياتهم التي يعيشون معها، كأن يستحدث أمين المكتبة كلمات يدلل بها كتبه، أو يحاور بها وريقاته.

وفي الشارقة أورق الكتاب والسِفْر وانطلقت مفردات الطباعة والنشر، لتتشكل عبارات جديدة تستوعب هذه الصنعة التي حققت نجاحاً كبيراً لتصبح مجالاً أثيراً لدى من يعيشون في هذا العالم، وقد أصبحنا نتحدث كتباً بطريقة متجددة حين وُلدت هيئة الشارقة للكتاب تتويجاً لرحلة المعرض الذي منحنا ذاكرة فضية لذلك الزمن الجميل، هذه الهيئة التي تنقل لنا تجارب العالم وتنقل التجربة الإماراتية للعالم.

وها هي أروقة المعرض، حين نصغي لها نجد الحديث يدور في أفلاك دور النشر، حقوق الملكية الفكرية، الترقيم الدولي، الكتاب التفاعلي، الطباعة حسب الطلب. ولك أن تقيس كما تشاء.

وها نحن نأتي لنتأبط كتباً، ونتحدث كتباً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n9bpyej

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"