للأحداث الكبرى الجميلة تقاليد وبروتوكلات وأخلاقيات، والحدث الكبير الجميل اليوم ثقافي مئة في المئة، أصله في الشارقة وفروعه عربية عالمية، معرض الشارقة الدولي للكتاب مئة في المئة من تقاليده الترحاب، وحرفية التنظيم، ومن بروتوكولاته احترام الكتاب وصانع الكتاب، ومن أخلاقياته التربية على الثقافة.. أساس كل تقدّم وتحضّر وَرُقيّ.
معرض الشارقة الدولي في دورة جديدة تبدأ اليوم في إمارة العواصم الخمس.. عاصمة الثقافة العربية، عاصمة الثقافة الإسلامية، عاصمة الكتاب العالمي، وعاصمة المسرح.. هذه هي الشارقة بشرفاتها ونوافذها وميادينها الممتلئة بالنور، والنور لا ينبثق من الشمس والكهرباء فقط، بل، الأساس هو الكتاب، والكتاب في الشارقة مبتدأ وخبر ومشروع بدأ مبكراً في علاماته الأولى منذ مدارس المطاوعة والقراءة على بساط مفرود على الأرض، ثم، منذ المدارس النظامية الأولى في الشارقة، وإلى أرقى الجامعات في العالم.
هذا جزء موجز تماماً من تاريخ النور الذي هو تاريخ الكتاب والكتابة في إمارة حكام القلم والحكمة والمعرفة والقراءة، حكام شعراء وأدباء ورجال علم وتعليم، لهم مكتبات وتراث وجذور عميقة في التاريخ والثقافة، كما هي جذورهم العميقة في بلادهم الحرّة الكريمة، وكما هي أيضاً جذورهم العميقة في ديرتهم وبين أهلهم وربعهم ورجالهم الذين تربّوا بدورهم على النور الطهور المولود من الكتب.
معرض الشارقة الدولي لا يؤرّخ فقط للأجنحة والناشرين والرّواد ومساحات العرض والاتفاقيات بين أصحاب دور النشر، بل المعرض أيضاً هو تاريخ إماراتي نبيل أصله وفصله في الشارقة التي حوّلت المعرض إلى مؤسسة عربية دولية، وجعلت منه منصّة انطلاق لتعريف العالم بالثقافة الإماراتية والعربية من خلال مشاركات المعرض في نظرائه من معارض الكتب الدولية، لتسجل الشارقة في هذا السياق أعلى الاستحقاقات بوصفها ضيف شرف في معارض كتب أوروبية وآسيوية وعربية.
معرض الشارقة الدولي للكتاب هو أيضاً تاريخ للمؤسسات الثقافية الإماراتية، بل الكثير من مؤسسات النشر العربية صنعت تاريخها المهني والثقافي من خلال تاريخ المعرض نفسه وتدرّجاته المهنية منذ ثمانينات القرن العشرين، وإلى صباح هذه الأربعاء.
المعرض، أيضاً، تاريخ صداقات عزيزة على قلوب أطرافها من ناشرين، وإعلاميين، وكتّاب، وفنّيين متخصصين في صناعة النشر والتوزيع، والصداقة هنا أيضاً قيمة إنسانية وأخلاقية، بحيث أصبحت الشارقة مدينتهم ومدينة أرواحهم وقلوبهم وهم يشدّون الرحال مع كتبهم إلى إمارة القراءة، وأخلاق القراءة.
معرض الشارقة للكتاب شهادة ولادتنا في الثمانينات، ولادتنا الثقافية والمعرفية والفكرية في دولة التعايش والعدل والنقاء.
