غياب الإرادة الدولية

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بات من الواضح أن كل المقاربات التي طرحت في مجلس الأمن لوقف الحرب في غزة تم إجهاضها بفعل الانقسام العميق في المجتمع الدولي، وبالتالي اصطدام كل المقاربات باعتراضات الخصوم والحلفاء لهذا الطرف أو ذاك، ما يعني شل قدرة مجلس الأمن عن القيام بمهمته الأساسية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

بين المطالبة بوقف إطلاق النار ودعوات «الهدنة الإنسانية» وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات إلى غزة، يقتل، بحسب التقارير، كل خمس دقائق طفل فلسطيني، وعشرات الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، فضلاً عن الرعب والدمار الهائل، وفقدان كل مقومات الحياة البشرية الأساسية. وبالتالي فإن استمرار المقاربات المتناقضة قد يدفع في النهاية إلى عدم وجود من يستلم هذه المساعدات التي تدخل بالقطارة، بعد أن تكون الكارثة قد حلت بالفعل. ما يعني أن التأخير في تدخل المجتمع الدولي لن تقف تداعياته عند حدود غزة؛ إذ إن عجز أعلى هيئة دولية عن القيام بدورها الأساسي سيفقد كل شعوب العالم الثقة بهذه المؤسسة وبإمكانية قدرتها على حل كل القضايا العالقة والنزاعات وإطفاء البؤر المتفجرة في العالم وفي النظام الدولي القائم برمته.

الأخطر هو أن التأخير في التدخل الدولي لفرض وقف الحرب في غزة، سيدفع لا محالة إلى توسيع هذه الحرب، واندلاع صراع إقليمي يجلب المزيد من الويلات على شعوب المنطقة، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك، أي اندلاع حرب عالمية جديدة حسب بعض السياسيين والمحللين. وسواء صح ذلك أم لا، فإن المخاطر موجودة وحقيقية وقائمة بالفعل، وهي تحتاج إلى وقفة ضميرية وأخلاقية من جانب القوى الكبرى؛ لدرء هذه المخاطر والحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم الدوليين.

وبالعودة إلى المقاربات المتضاربة في مجلس الأمن، فإن جوهر الخلاف الحقيقي فيما بينها يتمحور حول تجاهل البعض لعقود من الصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي، ويركز على الوضع الراهن، من دون أن يقدّم حلولاً جدية تفضي إلى حل جذري للصراع، وبالتالي فإن هذا الوضع الناشيء، حتى لو وقعت الكارثة الأكبر وتم تهجير الفلسطينيين في نكبة جديدة، سيظل قابلاً لأن يتكرر بغياب أية تسوية حقيقية تأخذ في الاعتبار حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم المشروعة.

فالسلام لا يبنى على الانتقام ولا على الخراب والقتل والتدمير، وإنما يحتاج إلى إرادة قوية من الجميع، وإلى جهد دولي حاسم يبدأ بفرض وقف الحرب، والشروع فوراً في بناء عملية سياسية شاملة تضمن حقوق الفلسطينيين وأمن واستقرار المنطقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26b7ymnm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"