ذكريات على هامش معرض الكتاب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

تجولت في معرض الشارقة للكتاب، واشتريت كتباً من أجنحته حين كانت أوائل دوراته في ثمانينات القرن العشرين، وآنذاك، انعقد المعرض في خيمة كبيرة في شارع الميناء الآن، بالقرب من منطقة البريد المركزي وقاعة إفريقيا.

وتجولت في المعرض واشتريت كتباً منه حين أقيم في إكسبو القديم في الفسحة الوسيعة بالقرب من جريدة الخليج الآن، وها أنذا أتجوّل في معرض الشارقة الدولي للكتاب في إكسبو الجديد على دوّار التعاون، وما زلت أشتري الكتب.

في دورات المعرض خلال الثمانينات كنت في العشرين من العمر، واليوم، أيضاً في الستين من العمر أشعر خلالها أنني لم أكبر كثيراً، وأن ذلك الشاب العشريني أو الثلاثيني الذي كان يرتاد قاعة إفريقيا لم يزل في العشرين أو في الثلاثين، شاباً، ممتلئاً بالحياة والتفاؤل، وشاهداً على مشروع ثقافي إماراتي عربي عالمي مركزه الشارقة، فهل يعود إحساس المرء بأنه ممتلئ بالإيجابية الحيوية إلى كونه يشتري الكتب، ويقرأها؟

هل في مجرّد ملمس الكتب والمرور على أغلفتها وتصفحها ثمة طاقة قوية نشطة تنبعث من الورق، أو حتى من الحبر الذي أسميه دائماً.. «ماء الورق»؟ الإجابة عن هذا التساؤل هي «ربما» غير أنني كنتب تعرّفت إلى قرّاء في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين كانوا روّاداً لمعرض الكتاب في الشارقة، والبعض من هؤلاء القرّاء ما زال يتردد على المعرض بكامل شبابه وامتلائه بالحياة.. فإذاً، ثمة علاقة ليست مقروءة جيداً، سيكولوجياً وعضوياً، بين القراءة والحيوية الشبابية، أو بين القراءة والطاقة الإيجابية، ولكن في كل الأحوال، يقول القرّاء المحترفون والمتعايشون يومياً مع الكتب إنهم يشعرون بنوع من الامتلاء النفسي والمعنوي عند انتهائهم من قراءة الكتب، وهو امتلاء يجعل منهم أكثر إقبالاً على الحياة.

في بعض الروايات، مثل رواية «في المرفأ» للكاتب الفرنسي جوريس كارل ويسمانس (1848-1907) نقرأ قصة بطلها قارئ يحب الكتب، ويجد نوعاً من خلاصه الوجودي في القراءة، وفي روايات أخرى تغيّر الكتب المصائر الحياتية والوجودية والنفسية لأبطال وشخصيات تلك الروايات، وقد ينقلب شخص فيه نزوع شرير إلى شخص رائع بعد قراءته لكتاب.. نعم، كتاب واحد وربما بالصدفة، قد يجعل من مجرم كائناً بشرياً إنسانياً بالغ الطيبة والجمال.. من قاعة إفريقيا أو بالقرب منها في الشارقة إلى إكسبو القديم قريباً من جسر القصباء، وحتى إكسبو دوّار التعاون كانت الكتب ترافقك وتحيط بك، بل وتحميك من الضعف واليأس، وتجعل منك شاباً عشرينياً في الستين من عمره..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yeapr3na

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"