اختلال وانزواء

00:52 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ عودتي، منذ أسبوع لأرض الوطن، وفي داخلي مشاعر مختلطة، ما بين فرح وحزن، ما بين واقع يجب أن نعيش فيه وما يعيشه غيرنا، بين القارات ال 3 التي كنت فيها في الأشهر ال 3 الأخيرة والدول التي زرتها والحيوات التي رأيتها وبين ما تراه عيناي كل يوم من أحداث في الكثير من دول العالم، أصبحت أحس بأننا نتوق لفترة هدنة، سلام حقيقي، إحساس بأن الإنسانية بخير، من كوارث طبيعية، ونكبات بشرية، النفس أحياناً تتعب ولا تحتمل، ولا تجد ملجأ إلا إلى الله بأن يعين من هم في همّ وغمّ وحرب وويلات، وبين من هم في الرخاء والاطمئنان يتمنون لغيرهم الخير والهدوء والراحة.

إن ما نراه، وما نمر به يجعلنا لربما نكبر أكثر، وننضج أكثر، ونعي حقيقة النعم التي نعيشها، وفي الوقت ذاته تجعلنا نخرج من المحدودية والسطحية لنبسط أذرعنا للحياة بشكل مختلف، أن نتغاضى عن تلك الأشياء التي تقلقنا ولا تستحق حتى أن تكون في قائمة حياتنا، من الأشياء التي نتذمر أننا لا نملكها لأن نرفع الأيدي لله ونقول اللهم لك الحمد حتى ترضى. كثير منا أصيب باختلال في ما يمارسه، لربما فكر الكثير منا هل يحق لنا أن نفرح في ظل ما يمر به الكثيرون في الفترة الأخيرة في الكثير من الدول، انزواء الروح وانعزال النفس، التي باتت في تساؤلات وقراءات للمشهد الذي يتغير كل يوم من مكان لمكان، ليست قضية واحدة، ولا دولة واحدة، ليس شعباً في قطب ما ولا قارة واحدة، بل إن الزلزال النفسي متأجج مما نمر به، ولولا أننا مؤمنون مدركون أن الله يحمينا ويدبر أمرنا لكنا في حال غير الحال، النفس لها حق بأن ترتاح، وأن تطمئن، ونحن إن كنا بخير فإن ذلك حق، وأن نحس بغيرنا هو حقهم.

كلما مرت صور ومشاهد لربما تيقنا أننا في هذه الدنيا، نحن ضيوف، وأن الوقائع ما هي إلا محطات تعلمنا وتغيرنا، لن أسرد مشاهد كلنا رأيناها ولن أكتب رأياً يتفق مع أحدهم أو يختلف، بل سأقول لك، اقرأ التاريخ، واقرأ ما جرى وما نحن فيه، وكيف أن الأمم تتتابع، وأننا في رحلة اختيار واختبار، مع أنفسنا وما يحيط بنا، كلما تألمنا أدركنا أن العودة لله ولحقيقة الحياة هي ما ينقصنا، وما يجب أن نركز عليه، وأن نكون عوناً ومعيناً بالدعاء، والمال والاهتمام، لا يهم ما يقال أو نقرأ فكل عما فيه يحاسب. الوقت صعب والصحة النفسية أيضا مهمة، فلا نهمل أنفسنا حتى نعين من يحتاجنا من المحيط القريب والبعيد، هذه أيام شداد سيأتي بإذن الله بعدها أيام رخاء وخير ونعمة، ولا نقول إلا «إنما أشكو بثي وحزني إلا الله»، و«لا تحزن إن الله معنا».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/27hrjw6e

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"