اختبارات الحياة

02:01 صباحا
قراءة دقيقتين

لن تكون واقعياً إذا قارنت نفسك بابنك حين كنت في نفس المرحلة العمرية، ولا منصفاً إذا قارنت بين مدرستك ومدرسته، وما تعلمته أنت وما يكتسبه هو من التعليم اليوم؛ والفوارق لا علاقة لها بمضمون المواد التربوية، بقدر ما هي متعلقة بمفهوم التعليم الذي اتسع وأصبح يشمل التعليم بفهم، التعليم بالعمل والتطبيق، التعليم عبر الأنشطة، والتعليم عبر التواصل.

أحياناً نحسد أولادنا على ما يكتسبونه من تجارب في المدرسة، تدفعهم بقوة نحو مواكبة الحياة العملية والحياة الاجتماعية على حد سواء، فانظر إلى الأطفال كيف يتم تدريبهم منذ سنتهم الأولى في المدرسة، على التفاعل مع المناسبات والأحداث التي يعيشها المجتمع، من خلال الأنشطة التي تأخذ شكل اللعب والتسلية بينما يتشربون منها المعلومات، ويحفظون ويعودون إلى بيوتهم يحكون بشغف عمّا فعلوه وتعلموه.

كل الطلاب يواكبون الأحداث، ففي هذه الأيام يسعدنا أن يتفاعل الأطفال والشباب في المدارس مع حملات الإغاثة التي ترسلها الإمارات إلى غزة، فهم بلا شك يواكبون ما يحصل عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، وطبيعي أن يواكبوا تحرك الدولة في أي حملة خيرية أو طبية أو توعوية تطلقها، مثل حملات التوعية بسرطان الثدي.

مهمة جداً كل الأنشطة التي تضعها المدارس على قائمة جدول البرنامج التعليمي، وكلما زاد عددها، فإن الطالب سيخرج منها بمخزون ثري من المعلومات المقرونة بالتطبيق العملي، الكفيل بترك بصمة وذكرى لن ينساها أي طالب، لأنه لا يحفظ المعلومة فقط؛ بل يقوم بالبحث عن المزيد من المعلومات المتعلقة بالحدث، ويبتكر طرقاً للتعبير عنه، وتقديمه بأشكال مختلفة، تلفت أنظار زملائه، وتضمن له التميز؛ حدث واحد يقدمه الطلبة كل بطريقته، والكل يتشارك في الاحتفاء بالمناسبة.

من اللافت أيضاً أسواق الخير التي تتعمد من خلالها المدارس زرع مفهوم العمل الخيري في نفوس طلبتها، فتطلب منهم مثلاً إعداد وجبات أو أطباق من الطعام، يحضرونها معهم من منازلهم، ويقومون ببيعها للطلبة والمدرسين والمديرين في المدرسة، على أن يتم التبرع بالمبلغ الذي يجمعونه لمصلحة الحدث أو الجهة التي يرغبون في مساعدتها.

دروس كثيرة يستفيد منها الطلاب تخرج عن إطار الكتاب، ولا تكون محصورة بالمواد التعليمية الأساسية، دروس في التعاون والعمل الجماعي، في التضامن الاجتماعي والفزعة؛ كي يشعر الناس ببعضهم، ويهبّوا للمساعدة في أي وقت، وأي مكان، وأي ظرف، دروس في العمل الخيري، وابتكار وسائل المساعدة والدعم حتى ولو كان المحتاج يبعد مسافات كبيرة، ودروس في الأخلاق والتواضع والإحساس بالآخرين.. دروس يتعلمون من خلالها كيفية النجاح في اختبارات الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdhkrmu8

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"