موقف عربي إسلامي لفلسطين

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كانت القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، التي انعقدت في الرياض، صادقة وصارخة إزاء حرب إسرائيل الشعواء على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووجهت رسالة صريحة إلى المجتمع الدولي، بضرورة وقف هذه الحرب، والكف عن الجرائم والتجاوزات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء في المدارس والمستشفيات وقوافل النازحين.

على مدار ستة وثلاثين يوماً، ظل القصف الإسرائيلي يقتل الأطفال والنساء بالجملة، ويدمر كل مناحي الحياة، وهذا ما لم تشهده أي حرب من قبل، وحتى تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعرف هذا الحجم من سفك الدماء، بينما ظل المجتمع الدولي صامتاً، ومجلس الأمن مشلولاً عن اتخاذ قرار ينتصر للأبرياء، وينهي هذه المأساة. وفي جلسته الأخيرة، التي انعقدت بطلب من دولة الإمارات، ودعت فيها إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح المدنيين الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب المدمرة، لم تخرج الجلسة بغير البيانات الخطابية من دون أن تتوحد كلمة الأعضاء، ويطالبوا بوقف المذابح فوراً، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع المنكوب.

القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، برهنت عن موقف موحد، وكانت التحذيرات واضحة من أن مشاهد القتل العبثي، والتدمير الممنهج، لا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس، ولن تجلب الأمن لإسرائيل، ولن تمنحها الانتصار على الشعب الفلسطيني الذي يريد انتزاع حقوقه المشروعة، مدعوماً من الشرعية الدولية، وقيم الحق والأعراف. وما شاهده العالم خلال هذه الجولة العنيفة من الصراع، يؤكد أن تجاهل معاناة الفلسطينيين، وعدم التسليم بضرورة إقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، سيكون تكريساً للجحود الدولي المستمر منذ ثمانية عقود، وازدواجاً مفضوحاً للمعايير، وتمييزاً مرفوضاً، لا يمكن أن يثمر إلا مزيداً من الفوضى والصراعات، وانعدام الاستقرار إقليمياً ودولياً.

تبدي الدول العربية والإسلامية تضامناً مع الشعب الفلسطيني، انطلاقاً من أن قضيته عادلة ومشروعة، ويفترض في المجتمع الدولي، لا سيما القوى الغربية الداعمة لإسرائيل أن تقف إلى جانبه حتى تبرهن عن انتصارها لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو أمر تجمع عليه الأغلبية الساحقة من دول العالم، بدليل التصويت الذي جرى، قبل يومين، في لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية، حين صوتت 168 دولة لمصلحة قرار يؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بينما عارضته 5 دول فقط من ضمنها إسرائيل والولايات المتحدة.

الحرب المدمرة على غزة وما رافقها من جرائم وانتهاكات، ستكون امتحاناً قاسياً للمجتمع الدولي، يجب أن ينجح فيه، بفرض إنهاء فوري لإطلاق النار، وفك الحصار، والمسارعة إلى إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإنقاذ المستشفيات ومرافق الأمم المتحدة. وهذه المطالب تمثل شروطاً عاجلة، لوقف هذه الدوامة الدموية، وإنقاذ المنطقة من تداعيات خطرة، والعمل على دفع إسرائيل إلى الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، ووقف سياسات القتل والترويع وتوسيع الاستيطان. أما تجاهل كل هذه الاستحقاقات، فيعني أن الوضع سيكون قابلاً للانفجار والتداعيات المترتبة على ذلك كبيرة، وستمتد إلى أجيال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/23ekur7v

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"