التحالف ضد «كورونا»

03:04 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لا حديث في المنابر السياسية والاقتصادية والإعلامية، هذه الأيام، إلا عن فيروس «كورونا» الذي انطلق من الصين وأخذ ينتشر ويتمدد في أرجاء العالم، وسط تضارب في التوقعات والمخاوف، والخشية من تحوله إلى وباء عالي الخطر. وبالنظر إلى ارتفاع حصيلة الوفيات والإصابات يومياً، أصبحت حالة القلق العالمية أشبه بهستيريا تصحبها إجراءات احترازية تتخذها معظم الدول للوقاية وحماية شعوبها من هذا الفيروس.
وسط الآراء والمواقف المتضاربة، يصعب إيجاد تحليل شاف يمكن أن يرسم مساراً واضحاً لهذه التداعيات، لكن ما يطمئن أن معظم الدول والمنظمات المعنية أخذت تتحالف بالفطرة الإنسانية لمواجهة هذا الخطر، سواء برسم الخطط المشتركة أو بتبادل المعطيات، فضلًا عن تقديم المساعدات والخبرات للدول المحتاجة، خصوصاً الفقيرة منها. وهذا أمر طيب، فربما نجح هذا الوباء الغامض في تقريب السياسات بعضها من بعض، وفتح الباب للتواصل بين دول تتبادل، على الدوام، التهديدات بالحرب بشتى ألوانها ومعانيها. ولم يبق في المشهد تقريباً إلا كورونا، الذي ظهر كأنه وحش من أساطير الصين القديمة، وكل ما يثيره ذلك من رعب وإرهاب لا يختلف عن أي إرهاب آخر.
ينكب العالم اليوم بكل طاقاته للانتصار على هذه المحنة بالحد من انتشار فيروس كورونا وإيجاد الأمصال لعلاج ضحاياه، وهي مهمة لا تبدو هينة بحسب ما يقول الخبراء وعلماء الصحة، وقد يتطلب الأمر أشهراً عدة حتى التوصل إلى دواء فعّال يضع حداً للمخاوف ويمنح الإنسانية سلاحاً للمقاومة. ولأن فيروس كورونا، منذ ظهوره إلى انتشاره، يلفه الغموض، فقد لفّت الحيرة الجميع. وفي حين لجأ البعض إلى الطب البديل من العصور القديمة، عوّل آخرون، منهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الطبيعة حين قال إن ارتفاع حرارة الصيف كفيل بالقضاء عليه. وقد ينطبق قول ترامب على النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ولكن ماذا عن دول نصفها الجنوبي التي تستعد لفصل الشتاء، وهي استقبلت كورونا قبله برعبه المعروف. ومعظم تلك الدول فقيرة ولا تمتلك مقومات دول الشمال، ويمكن أن تكون الكارثة فيها أوسع إذا عجزت المخابر الطبية عن إنتاج اللقاحات ومضادات الفيروسات.
قياساً على التجارب السابقة، ستنجح البشرية في التصدي لهذا الفيروس القاتل، لكن المهمة الحقيقية الملقاة على جميع الدول والهيئات الصحية تتعلق باتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار ما يحدث، فمثلما العالم يتقدم ويتطور، تتطور الأمراض والأوبئة أيضاً. وفي التاريخ القريب استطاعت البشرية القضاء على أمراض وجوائح أخطر من كورونا عشرات المرات، ولكن هذا لا يعفيها من حسن التأهب لما سيأتي، وبالذات تحفيز التوعية وتكثيف التعاون الدولي في المجال الصحي والسلامة العامة. فعندما يتآزر المجتمع الدولي وتتضامن أممه وشعوبه، تصبح كل التحديات هينة ومقدوراً عليها، إذ إن كل المعنيين يؤمنون بأن صحة الإنسان فوق كل الحسابات والصراعات التي تظل في العموم مؤقتة ولا تدوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"