الفن والعلم في خدمة السيبرانية

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

كانت عمليات الجاسوسية في الماضي مضحكة حين نقرأ كتاب «المنطقة المعتمة» للصحفي الأمريكي فرد كابلان ونقارنها بعمليات التجسس في الحرب السيبرانية.. يقول كابلان بعد اختصار من فقرته الطويلة في الصفحة 25 إن أمريكا كانت تقيم هوائيات ضخمة (أطباق لاقطة) في عدد من بلدان العالم بهدف ترجمة وتحليل كل أساليب الاتصالات داخل الاتحاد السوفييتي.

غير أن الروس انخرطوا في الحرب السيبرانية، كانوا ماهرين، وما زالوا، كما يقول كابلان، في لعبة التجسس ومكافحته، وبالطبع، لم تكن هذه الحرب تقوم على عمل عملاء وأشخاص يقيمون في فنادق ويراقبون «الرايح والجاي» بطريقة مضحكة، بل عبر الحواسيب، وبأصابع شباب بإمكانهم اختراق الكمبيوترات واحتلالها، وسلب ملفات ضخمة من المعلومات، بل وتعطيل أنظمة عمل بأكملها، وربما توجيه صواريخ إلى جهات يتحكم بها هؤلاء المبرمجون السيبرانيون.

استطاع محللون سيبرانيون الوصول إلى عمق شبكة صدام حسين للقيادة والسيطرة كما يقول كابلان في صفحة 38، بالطبع دمّر الأمريكان هذه المنظومة الخاصة بالجيش العراقي، وربما كانت تلك من أوائل استخدامات السيبرانية التي تفوّقت على الصاروخ والطائرة.

كان في الإدارة الأمريكية ثلاثة رجال عملوا على تعزيز الحرب السيبرانية: إنمان، ستوديمان، هافر، الذين راقبوا جيداً كيف تنتشر ما سمّاه المؤلف «الثورة الرقمية» سريعاً في العالم، ولعلنا للمرة الأولى في الوطن العربي نعرف مصطلحين متقابلين في ثقافة السيبرانية هما: «التماثلية»، و«التناظرية»، (راجع الكتاب صفحة 50).

نعود مرة ثانية إلى «استثمار» العقول الأمريكية السيبرانية للفن، وهنا فيلم «المتسللون»، أو «سنييكرز»، وهو فيلم ساذج، كما يقول كابلان، لكن العقل الأمريكي السيبراني يستغل حتى ما هو ساذج وحتى ما هو تافه للوصول إلى معلومة حتى لو كانت صغيرة. كان محتوى ذلك الفيلم يتصل بالقرصنة الحاسوبية التي هي جزء أساس في ثقافة وتاريخ الحرب السيبرانية.

إن الغريب في هذه المادة العلمية «السيبرانية» أنها تعتمد على الفنون، وبخاصة الروايات والسينما، ولعلي من هذه الزاوية بالذات قرأت الكتاب، لا بل إن الأمر لا يتعلق بالصلة المباشرة بين الحرب السيبرانية والأدب والفنون، بل إن كابلان الذي صنع كتابه هذا بعد مقابلات وجهد وتعب ومتابعة، يوثّق بالمعلومات والحقائق والأرقام صلة صنّاع الحرب السيبرانية بصنّاع الاقتصاد في العالم من شركات وبنوك، وإنترنت، وحتى اختراقات لحسابات صحفيين والتجسس على الأمريكيين أنفسهم كشعب ليس له علاقة يومية بهذه الحرب، ولكن «السيبرانية» في حدّ ذاتها هي حرب جديدة اختراقية، ليس لها مكان محدّد على الأرض ولا أخلاق.

.. يتبع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3s4x7xrp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"