عادي

راية حمراء أذربيجانية أمام واشنطن

23:41 مساء
قراءة 4 دقائق
جنود أذريون يطلقون نيران مدفعيتهم باتجاه القوات الأرمينية في كاراباخ (ا ب)

كتب-المحرر السياسي:

تغذي الصراع بين أرمينيا وأذربيجان مجموعة من العوامل، منها ما هو ثقافي، ومنها ما هو إثني، بينما تلعب أيادٍ خارجية في تأجيج الخصومة التي تترجم إلى حروب مفاجئة منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً.

يمثل إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين البلدين تجسيداً لكل تلك العوامل، بينما يشهد تجدد الاشتباكات العسكرية، بين حين وآخر، تبعاً لمقتضيات مصلحة كل طرف. وقد انتهت آخر جولة من المعارك في العشرين من شهر سبتمبر/ أيلول إلى استسلام الإقليم لأذربيجان، حيث وافقت القوات المحلية في الإقليم على قرار حلّها، ونزع سلاحها.

وسوف ينتهي وجود الجمهورية الانفصالية ومؤسساتها اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني 2024. ويحظى الإقليم، الواقع في منطقة جنوب القوقاز الجبلية بين البحر الأسود وبحر قزوين، باعتراف دولي باعتباره جزءاً من أذربيجان، لكن مناطق واسعة منه كانت تخضع لسيطرة سكانه من العرقية الأرمنية طوال ثلاثة عقود. ولا يزال يشهد واحداً من أطول الصراعات في العالم.

حروب متواصلة

وقد خاضت أذربيجان وأرمينيا حرباً دموية من أجل السيطرة على الإقليم أواخر ثمانينات، وأوائل تسعينات، القرن الماضي، كما شهد الإقليم اندلاع المزيد من أعمال العنف في السنوات اللاحقة. وأسفر آخر تصعيد كبير في الصراع عام 2020، عن مقتل آلاف الأشخاص، خلال ستة أسابيع من القتال العنيف.

وساعد نشر قوات روسية لحفظ السلام في توقف القتال يومذاك، لكن التوترات كانت تتصاعد طوال أشهر قبيل العملية العسكرية الأخيرة.

وتجددت مساعي الوساطة الغربية بين الجانبين، حيث اتهمت باكو فرنسا بتأجيج الصراع لتزويدها أرمينيا بالأسلحة. والأهم من ذلك، أنها رفضت رسمياً المشاركة في اجتماع وزيري خارجيتها وخارجية أرمينيا، الذي كان مقرراً عقده في واشنطن، يوم الاثنين الماضي. وأعربت باكو عن استيائها من التحيز الأمريكي.

وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، عقدت جلسة استماع في الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني، حول «مستقبل ناغورنو كاراباخ».

وجاء في بيان وزارة خارجية أذربيجان «إن قواعد ومبادئ القانون الدولي كانت دائماً أولوية في السياسة الخارجية لأذربيجان. وسوف تتصرف دائماً وفقاً لالتزاماتها الدولية. وفي الوقت نفسه، سترد بحزم، وبشكل ملائم على كل الخطوات السلبية التي تتعارض مع مصالحها الوطنية».

توتر العلاقات

وصعّدت أذربيجان انتقاداتها للوسطاء الغربيين في محادثات السلام مع أرمينيا، متهمة إياهم بالتحيز لمصلحة يريفان. وتواصل رفض حضور محادثات السلام مع أرمينيا، متذرعة بما تسميه النهج المتحيز لدول الوساطة الغربية. هذه المرة كانت الولايات المتحدة هي التي أثارت استياء أذربيجان.

وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، أصدرت وزارة الخارجية الأذربيجانية بياناً أعلنت فيه قرار البلاد بعدم حضور اجتماع وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان في واشنطن.

وجاء هذا الازدراء رداً على شهادة مساعد وزير الخارجية الأمريكي، جيمس أوبراين، في اليوم السابق، في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بعنوان «مستقبل ناغورنو كاراباخ». فقد قال أمام اللجنة إن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء سجل «شامل وشفاف» لما حدث في الجيب الذي كان يسكنه الأرمن سابقاً، قبل وأثناء، استيلاء أذربيجان العسكري على السلطة في سبتمبر/ أيلول.

وأكد أوبراين دعمه لأرمينيا، التي تحاول الابتعاد عن روسيا، وتسعى جاهدة لاستيعاب نحو 100 ألف شخص نزحوا من الإقليم، مؤخراً.

وكانت الولايات المتحدة ألغت اجتماعات وارتباطات ثنائية رفيعة المستوى مع أذربيجان، وستواصل حث باكو على تسهيل عودة أرمن ناغورنو كاراباخ الذين قد يرغبون في العودة إلى ديارهم، أو زيارة المواقع الثقافية في المنطقة، وكذلك استعادة حركة المرور التجارية والإنسانية والمشاة من دون عوائق إلى المنطقة.

ووصفت وزارة الخارجية الأذربيجانية في بيانها، جلسة الاستماع بأنها «ضربة للعلاقات الأذربيجانية الأمريكية في الأشكال الثنائية والمتعددة الأطراف».

وفي يوم الجلسة، اعتمد مجلس الشيوخ الأمريكي أيضاً مشروع قانون «حماية الأرمن لعام 2023». وفي حال أصبح اعتماده من قبل الرئيس بايدن، فسوف يعلق مشروع القانون جميع المساعدات العسكرية لأذربيجان.

واتهمت وزارة الخارجية الأذرية الولايات المتحدة بأنها تكرر «الخطأ نفسه» الذي ارتكبته في عام 1992، عندما فرضت عقوبات على أذربيجان بهذا التعديل، على الرغم من كونها دولة واجهت العدوان والاحتلال على أيدي القوات الأرمينية.

إلا أن الولايات المتحدة أكدت مجدداً في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، دعمها للتقارب بين أرمينيا وأذربيجان، بغضّ النظر عمّن يتولى الوساطة.

من جانبها، لا تبدو باكو مهتمة بأن يكون للولايات المتحدة دور نشط في تلك المحادثات. فمنذ بضعة أشهر، ظلت تعرب عن نفورها من المفاوضات التي تتم بوساطة غربية، وأظهرت بدلاً من ذلك تفضيلها للوسطاء الإقليميين، مثل روسيا وتركيا وإيران.

وفي بيانها الأخير، حذرت وزارة الخارجية الأذرية من أن مثل هذا النهج الأحادي من جانب الولايات المتحدة، يمكن أن يؤدي إلى فقدان دور الوساطة الذي تلعبه الولايات المتحدة.

ومن المرجح أن توقع يريفان وباكو معاهدة سلام بحلول نهاية العام. وكما هو معروف، فإن صيغة بروكسل موجودة، وتعتبر أذربيجان أنه من المقبول مواصلة المفاوضات بهذه الصيغة. إضافة إلى ذلك، تفضل باكو المفاوضات المباشرة مع أرمينيا أكثر من التفاوض بوجود الوسطاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/33vm5s5n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"