عادي

%50 فرصة البشرية للوصول إلى نهاية القرن 21

15:26 مساء
قراءة 3 دقائق
%50 فرصة البشرية للوصول إلى نهاية القرن 21

القاهرة: الخليج

يشهد العالم تغيراً متسارعاً، إلى حد يسوغ إعادة التفكر في ما قدمه لنا الفيزيائي والفلكي البريطاني مارتن ريس من أفكار في كتابه «عن المستقبل.. آفاق ممكنة للإنسانية» (ترجمته إلى العربية وقدمت له الكاتبة العراقية لطفية الدليمي) والتي تناولها في كتاب سابق له نشر عام 2003 بعنوان: «قرننا الأخير؟»، لكن ناشره البريطاني أقنعه برفع علامة الاستفهام من العنوان، في حين أن القراء الأمريكيين حصلوا على نسخة من الكتاب ذاته بعنوان: «ساعتنا الأخيرة».

على الرغم من أن ريس وصف نفسه بأنه صاحب نزعة تفاؤلية، فيما يخص مستقبل التقنية، فقد تنبأ بأننا لو وضعنا في اعتبارنا كل المخاطر الوجودية الحالية والمتوقعة، فإن البشرية سيكون لها فرصة بنسبة 50% لبلوغ نهاية القرن الحادي والعشرين.

يبدو هذا التنبؤ - كما تقول لطفية الدليمي - مادة تأملية خالصة، لكنها في واقع الأمر تستند إلى شواهد أخاذة لا يمكن إهمالها.

تعمل التقنية على الارتقاء بحيوات كثيرين من البشر، لكنها في الوقت ذاته تجعلنا عرضة لمجموعة جديدة غير مسبوقة من التهديدات المقترنة بانفجار سكاني هائل وضغوط مدمرة للبيئة.

ليس ثمة شك في أن عبارة (آفاق ممكنة للإنسانية) التي جاءت عنواناً فرعياً للكتاب، تشير إلى مستقبل العلم، وإلى مدى نجاحنا في تطويع التقنية لخدمة الحاجات البشرية من غير نتائج خطيرة على الجنس البشري، إذا ما أردنا تجنب المآلات المرعبة التي يدق الكثير من العلماء والمختصين جرس الإنذار بشأنها.

يمتلك الجنس البشري القدرة والإرادة في أنه يوماً ما سيستعمر عوالم خارج نطاق كوكبنا الأرضي، وحتى يتحقق ذلك الأمر يتوجب علينا أن نطور موازنة مناسبة بين تطوير التقنيات اللازمة لتحقيق ذلك الاستعمار البشري للعوالم الأخرى ومكافحة الفقر والتعامل مع التغير المناخي والمخاطر النووية والحروب الجرثومية والسبرانية وسواها من المعضلات.

رسالة ريس في هذا الكتاب هي أننا لسنا في حاجة إلى أن نكبح مسيرة تطورنا التقني بطريقة راديكالية عنيفة، وكل ما يحتاج إليه المجتمع هو المعرفة الدقيقة بالمدى الذي تقودنا إليه التقنيات الحالية، ومن ثم إعادة توجيهها متى ما تطلب الأمر ذلك، وهذا يعني أن نمنح انتباهنا الأكبر للعلماء والمهندسين، بدلاً من توجيهها نحو السياسيين وحملة الأسهم.

المعضلة الكبرى في وقتنا الراهن – كما يرى ريس – تكمن في أن تناول موضوعات على شاكلة التغير المناخي ووضع ضوابط على التقنيات السائدة لا يحوز إلا على أقل أشكال المساهمة العالمية والتعاون الدولي، ففي الوقت الذي تميل فيه المناقشات نحو تفضيل التحليل الموضوعي لما نحن عليه، في الوقت الراهن، وإلى أين ستقودنا التطورات العلمية والتقنية المستقبلية فإن عبارات ريس الختامية في الكتاب تبدو مؤثرة ومحركة للعواطف الإنسانية.

يتساءل ريس بطريقة باعثة على التفكر والإلهام: «هل نرغب في الانزلاق في متاهة التاريخ، ولا يذكر عنّا سوى كوننا جيلاً أنانياً أدرك المعضلات الكبرى التي خلقها، لكنه مع ذلك الإدراك ارتأى أن يبقي تلك المعضلات إرثاً يتركه للأجيال المستقبلية لكي تتعامل معها؟».

وينهي كتابه بتلك الخلاصة: «ثمة القليل للغاية من التخطيط ومعاينة الآفاق المستقبلية وإدراك طبيعة المعضلات طويلة الأمد، وسيكون بكل تأكيد فعلاً مجللاً بالعار إذا ما أورثنا أجيالنا المستقبلية عالما مستنفد الموارد، مختنقاً بالكوارث القاتلة».

مارتن ريس فيزيائي وفلكي تجاوز السبعين عاماً، وقد أسهم على مدى خمسين عاماً في فهمنا لعلم الكونيات (الكوسمولوجيا) وهو شخصية محترمة على صعيد بريطانيا، ولا يعود الأمر إلى مساهماته العلمية فحسب، بل لإمكاناته المميزة في مقاربة الحدود البينية الشاقة التي تجمع العلم والسياسية والأدب، وقد أضاف إلى فهمنا الكثير من المكتشفات التي ترتبط بالكون في بواكيره الأولى ونشأة المجرات، والمادة المظلمة والظواهر الكونية العنيفة، فضلاً عن إمكانية وجود أكوان متعددة.

وفيما يخص النطاق الشعبي فإن اللورد ريس أحد 23 حاملاً لوسام الاستحقاق الملكي، ويسهم في مناقشات مرتبطة بالتغير المناخي والأخلاقيات الحيوية، وباعتباره عضواً في مجلس اللوردات مدى الحياة، فإنه يسهم في مناقشات خاصة بموضوعات السياسة العلمية، وتشريع القوانين المناسبة بشأنها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29frdb4d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"