تنبيهات نقص المناعة الفنيّة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تذكر قول شاعرنا القديم: «ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ.. وإن خالَها تخفى على الناس تُعلمِ»؟ لكن الموضوع لا علاقة له بمعلقة زهير بن أبي سلمى. محورنا: إلى أين يجرف الزور والزيف الإنتاجَ التلفزيوني واليوتيوبي، وما إليهما في وسائط الإعلام والاتصال؟ في الإعلام والثقافة أيضاً فيروسات تنقل العدوى والأدواء، وللأسف، لا مضادات لها ولا لقاحات في عيادات الأخلاق وصيدليات القيم.
النموذج الذي انتقاه القلم، إنتاج تلفزيوني في استوديوهات فرنسية وبلجيكية، بين عامي 2002 و2008، وكان عنوان الحلقات نسخة مطابقة للأصل عن بيت شاعر المعلقة، سوى أنه مختزل في: «سيُعلَم يوماً». هذا الإنتاج في حدّ ذاته مستنسخ عن حلقات أمريكية أحدثت ضجات كبرى، ولكنها وُوجهت بكشف المحجوب من ادعاءات الواقعية والتلقائية، وطُويت الصفحة. حبل الكذب دائماً قصير.
لم يكن في إمكان الحيل أن تنطلي على النقّاد والصحافة الاستقصائية، عندما انطلقت سلسلة «سيُعلم يوماً». كان فريق الإنتاج في حاجة إلى انطلاقة قوية، فلجأ إلى كتابة سيناريوهات لا تخلو من الفانتازيا والإثارة باختلاق قصص بها في أغلب الأحيان مشاهد من الملاكمات في الهواء، في سبيل «خلق جوّ» جذّاب، مع إسناد الأدوار إلى ممثلين جيدين لكنهم ليسوا من المشاهير. لكن التحريات الفنية فضحت الألاعيب. حين أنتجوا حلقات واقعية، لم يصدّقهم المشاهدون. حدث لهم ما حدث في قصة «الراعي والذئب». زعموا أن راعياً صاح بأهل القرية: النجدة، لقد هجم الذئب على خرافي، فهبّوا له هبّة رجل واحد، لكنهم اكتشفوا أنه يكذب. ذات يوم هجم الذئب فعلاً، فصاح، فلم ينجده أحد. وطويت صفحة الحلقات.
الموضوع ليس نبش دفاتر قديمة بالية، وقد تكون المضامين في حاجة إلى فحص عند تناولها، لأنها فضائح تستهدف الأسرة والعلاقات الاجتماعية بالهدم والتدمير، لكن التحذير من المحظور رسالة إعلامية وأمانة ثقافية. الخطر على الأبواب، فالدخلاء على الفنون المسرحية، والمغرضون على السواء، يعدّون ألواناً من الحساء الفني المسموم في وسائط تواصل عربيّة بلا حارس أو رقيب، ويخلطون أصنافاً من الالتباس، فيها الاقتباس والاختلاس، والكثير من الناس بلا احتراز أو احتراس، فيندسّ كل خنّاس وسواس، فقل أعوذ بربّ الناس.
لزوم ما يلزم: النتيجة الكوميدية: سيصيح المفسدون في الفن قريباً: النجدة، إن المنادين بالقيم يضطهدون الحريات ويقمعونها!
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ajn2e5c3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"