تخطيط ووعي

حينما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عن إنشاء صندوق «ألتيرّا» للحلول المناخية على مستوى العالم بقيمة 30 مليار دولار خلال القمة العالمية للعمل المناخي «كوب 28 » التي تعقد في الإمارات، وذلك لسد فجوة التمويل المناخي وتيسيراً للحصول عليه بتكلفة مناسبة، وكذلك للتحفيز على جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول العام 2030، ولبناء منظومة أكثر إنصافاً للتمويل المناخي، لم تأت المبادرة والقرار أو الإعلان من فراغ، بل من وعي كامل بالزمان والمكان والحاجة الإنسانية، بالإضافة إلى منهجية واضحة وتخطيط استراتيجي مسبق وواضح المعالم عملت الدولة عليه، حيث استثمرت ما يقارب 100 مليار دولار في تمويل العمل المناخي والطاقة النظيفة والمتجددة، مع التزام تام باستثمار 130 مليار دولار أخرى خلال السنوات السبع المقبلة في المجالات المتعلقة بذلك.
المتابع للمشهد الإماراتي في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة والمناخ، يلاحظ ما وصلت إليه في هذا الحقل الحيوي والمهم، فجائزة زايد للاستدامة التي انطلقت قبل أكثر من 15 عاماً إحدى الشواهد التي تعزز وتوضح مدى الحرص على التنمية المستدامة والشاملة، وما إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لأكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة والطاقة الكهروضوئية في دبي، والذي تتجاوز تكلفته 15 مليار درهم إلا دلالة أخرى على الوعي والحرص والتخطيط للمستقبل، والعمل على الحفاظ على البيئة والاستدامة والتنمية من أجل الأجيال القادمة، وبالطبع هناك مشاريع ومبادرات كثيرة وعديدة في ذات السياق والهدف عملت وتعمل عليها الدولة بشكل متواصل وحثيث.
وما شهدته أروقة القمة من اتفاقيات أبرمتها الدولة مع كل من البرازيل والبارغواي، بشأن الإعلان عن تعاون مشترك تحت عنوان «ممر المحيطين» والهادف إلى تعزيز التكامل الإقليمي والكفاءة اللوجستية مع استقطاب الاستثمارات والفرص الاستثمارية إلى أمريكا اللاتينية، والاتفاقية تشمل في تنفيذها الأرجنتين وتشيلي، مما سيسهم في تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية في المنطقة، مع زيادة تدفق المنتجات الزراعية والتجارة الإقليمية والسياحة، والتي ستؤدي إلى خفض التكلفة من جهة، وتنويع الأسواق الإقليمية واتساع الفرص التجارية بين قارة آسيا ومختلف مناطق العالم من جهة أخرى.
إن ما تمارسه الدولة في هذا المجال ينم عن ثقافة واعية ومواكبة للمستجدات على مستوى العالم، ويدل على مدى الواقعية من جانب، والتخطيط بعيد النظر والمدى على المستوى الاستراتيجي.
اللهم احفظ الإمارات.