حصاد المرجعيات الثلاث

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تشعر بالضجر إذا ألحّ القلم وألحف في السؤال: هل على المثقفين العرب أن يعيدوا النظر في المنظومة البنيوية التي قامت عليها الثقافة العربية المعاصرة؟ المشكلة كامنة في أن العقل العربي، حتى لدى أهل الفكر والثقافة، لم يبرهن على الاقتناع بأن الثقافة أكبر بكثير من إنتاج الإبداع في الآداب والفنون، فهي فوق ذلك مجموعة المحركات التي توجّه أداء الدماغ، هي الريموت المتحكم في قمرة قيادة السلوكيات.

هنا تستدعي أوضاع العالم العربي أن يُجري المثقفون جردة حساب تقويمية، للوقوف على ما كسبناه حقّاً من معين المصادر ومناهل الروافد. ضرورة قصوى حتى لا نخدع أنفسنا بأوهام لا علاقة لها بواقع الأمور، أو نعطي للأجيال حاضراً ومستقبلاً صورة زائفة عن حقيقة الحال. التشخيص جليّ: لدينا ثلاث مرجعيات أساسية، إحداها عربية، والثانية إسلامية، والثالثة غربيّة. ههنا المخمصة المفعمة بالمفارقات.

في شأن المرجعية التراثية العربية، يشك القلم في أن مثقفينا حسموا أمرهم فهم على بيّنة من تفاصيل علاقتهم بالتراث العربي. ما هو الزاد الذي استخلصوه من الشعر الجاهلي وأشعار العصور الإسلامية، فهم يرون أنه رصيد فكري ومعنوي يشكل دوافع وروافع في مسيرة الحياة. عجباً، لا نعرف بحوثاً ودراسات تناولت انعكاسات التراث الأدبي العربي على الأمّة العربية. مصيبة سوداء أن تكون هذه المحاور الجوهرية رفوفاً خاليةً في المكتبة العربية. ماذا يعني ألاّ تحرك ساكناً في أدمغة المثقفين والباحثين؟

في مجال المرجعية الإسلامية، هل المثقفون العرب على يقين من حقيقة علاقتهم بمنظومة القيم الإسلامية؟ لا حديث هنا عن العبادات والتقيد بالفرائض. هل للمثقف العربي أيّ أواصر بالمثقفين في العالم الإسلامي؟ أم هو ترك ذلك لسبع وخمسين سفارة إسلامية؟ شكراً لأمّ كلثوم غنّت «حديث الروح» وإلاّ لأضحى نجّار سيخ اسمه إقبال أشهر من محمد إقبال. ما هي منظومة القيم الحياتية العصرية التي استمدها المثقف العربي من الإسلام؟ ماذا فعل المثقفون حين شوّهت المخططات الأجنبية وجودنا بالإرهاب والتطرف اللذين دمّروا بهما بلداناً ولا يزالون يبيدون بذريعة «داعش»؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الكوميدية: المرجعية الغربية: لا مناهج متطورة، لا بحث علمي، لا تنمية عربية شاملة، بل تشتيت وفتن وقابلية للاستعمار. في التقليد السلبي، حدّث ولا هرج.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ff7bcvv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"