زلزال الهجرة المعاكسة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

على مدار أكثر من سبعة عقود، شكلت الهجرة اليهودية إلى إسرائيل العمود الفقري لوجودها والشريان الحيوي الذي يقدم لها مدد الحياة. لكن في السنوات الأخيرة بدأت إسرائيل تعاني هجرة معاكسة، وتصاعدت بشكل واضح بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إثر عملية «طوفان الأقصى»، والحرب التدميرية الإسرائيلية على قطاع غزة، والقصف الصاروخي الذي طال كل المستوطنات في غلاف غزة وصولاً إلى الداخل الإسرائيلي، إضافة إلى عشرات العسكريين والمدنيين الذين تم اختطافهم وما زال معظمهم قيد الاحتجاز، ما أدى إلى تفريغ أجزاء واسعة من الجنوب والشمال من المستوطنين وشعور هؤلاء بعدم الأمان على حياتهم الشخصية وحتى على مصيرهم.

كانت إسرائيل تخوض معاركها خارج الحدود اعتماداً على جيشها وما تمتلكه من قوة، وكان ذلك يشكل صمام أمان وجودياً، يوفر للمهاجرين إليها عاملاً مشجعاً للقدوم والعيش والعمل، واستطاعت أن تستقطب الآلاف من يهود الاتحاد السوفييتي السابق وغيرهم من يهود العالم.

لكن إسرائيل التي كانت تتغذى منذ نشأتها عام 1948 على موجات الهجرة إليها بدأت تعاني منذ سنوات هجرة معاكسة، أو ما يسمى «يورديم»، وهو مصطلح عبري لوصف اليهود الذين يغادرونها جراء الانقسامات الداخلية السياسية والدينية من جهة،وتعاظم التطرف والعنصرية، والشعور بعدم الأمن جراء عمليات المقاومة في الضفة الغربية، وتفاقم هذا الشعور بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث تم ضرب أهم الأركان التي قامت عليها إسرائيل، وهو الأمن والردع، حيث تم تفريغ العديد من المدن والمستوطنات ونقل الآلاف إلى الداخل، ويقدر عددهم بأكثر من نصف مليون.

ووفقاً لصحيفة «زمان إسرائيل» فإن 350 ألف إسرائيلي فروا إلى الخارج خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي فقط، بخلاف العمالة الأجنبية والدبلوماسيين وهم بالآلاف أيضاً. ووفق صحيفة «جيروزاليم بوست» فإن أكثر من 20 ألف إسرائيلي سعوا للحصول على الجنسية البرتغالية العام الماضي، وارتفع العدد خلال الشهرين الماضيين.

وبحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإن نحو 26 ألف إسرائيلي يغادرون البلاد كل عام خلال السنوات الأربع الماضية، ومعظم هؤلاء من الشباب والأكاديميين الذين يبحثون عن فرص للتعلم والعمل، خاصة في ألمانيا وكندا وأستراليا والولايات المتحدة، ومعظم هؤلاء لن يعودوا. ووفقاً للبروفسور سرجيو ديلي بيرجولا من الجامعة العبرية في القدس، فإن 40 في المئة من الإسرائيليين يفكرون في الهجرة.

تتكتم إسرائيل عن كشف عدد المغادرين لأسباب أمنية وسياسية، لكن وفقاً لموقع «فلايت رادار 24»، فإن معدل الرحلات المغادرة من مطار بن غوريون بلغ 120 رحلة يومياً، وهو المعدل الأكبر المسجل في المطار على مدى السنوات الأخيرة، بمعدل 24 ألف مسافر يومياً. وبذلك يصبح عدد المهاجرين نحو المليون، وفقاً للموقع، إضافة إلى المغادرين عن طريق ميناءي حيفا ويافا.

كان بن غوريون يردد «إن بقاء إسرائيل يتوقف على عامل واحد هو الهجرة الواسعة إلى إسرائيل».. لكن الآن بدأت الهجرة المعاكسة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/r22e7fmz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"