جريدة الخليج واللغة العربية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ تأسيس جريدة الخليج قبل نحو نصف قرن من الزمان بضميريّة ووطنية الرمزين العَلَمين تريم عمران، وعبد الله عمران، وامتدادهما الخلوق النبيل خالد عبد الله عمران على نهج وطني ثقافي مهني، وإلى اليوم، والجريدة حاضنة ثقافية بالدرجة الأولى للغة العربية ورمزيتها من حيث هي لغة هوية، ولغة وطن عربي إسلامي، ولغة مهنة رفيعة.
اللغة العربية في السياقات الفكرية للجريدة هي ثابت مبدئي أولاً وأخيراً، والجريدة تنطق بروح وباسم هذا الثابت المبدئي الذي هو جوهر وجداني وثقافي في قلوب كل الرجال التي صنعت هذا الصرح الإعلامي المحترم.
كيف نترجم هذا الكلام عملياً ومهنياً في تاريخ الجريدة؟
الجواب موجود في ذاكرتها وفي أرشيفها وفي سياقاتها العملية المتدرّجة على مدى كل هذه العقود، وبالعودة إلى التاريخ نعرف كيف أن اللغة العربية هي أولاً من أوّليات التأسيس برؤية ثقافية مبكرة للرجلين اللذين صنعا هذه المؤسسة العريقة، وأعطيا مساحة حرّة كريمة للثقافة في وطن وإمارة الثقافة.
في البدء، استقطبت الجريدة محمد الماغوط الذي أنشأ أوّل ملحق ثقافي مستقل على شكل (تابلويد) في 24 صفحة، وبالطبع، لم يكن هذا الوعاء الصحفي سوى منصّة حرّة للغة العربية .
كان استقطاب الماغوط قراراً جريئاً تماماً في أوائل ثمانينات القرن العشرين، فالرجل كان آنذاك وطيلة حياته رمزاً من رموز الحداثة الشعرية العربية، وما كان لهذه الحداثة أي انقطاع عن روح اللغة العربية، وكانت الخليج برؤية كوادرها الأولى تعرف، ثقافياً، أن المستقبل هو دائماً رهان.
كان الملحق الثقافي الذي يصدر مستقلاً مع الجريدة مرجعاً لطلبة الجامعات، ولعدد من الباحثين من الثقافة الشعبية والتراث الإماراتي، وتربّى على ملاحق الثقافة في الثمانينات والتسعينات جيل إماراتي أدبي، بل وتشكيلي ومسرحي، لا بل كانت تلك الملاحق مساحات حيوية للكتابة في السينما أحياناً، وفي المعمار وفي التراث وفي الفكر والفلسفة والفنون بشكل عام. والمبتدأ والخبر في كل هذه السردية الصحفية جملة فعلية واحدة، واسم وطني ثقافي واحد هو: اللغة العربية.
ملاحق الثقافة حين كانت تصدر بتلك الحيوية كانت بمثابة (كتيّبات) في حدّ ذاتها لو جمعناها على هذا النحو كما لو أنها (كتاب جيب) من 12 صفحة ثم إلى 8 صفحات، والمهم هنا أنها كانت نتاجاً روحياً صافياً للغة العربية التي يحتفل بها العالم اليوم بكل وثوقية واعترافية بثقافتها وقدرتها المذهلة على التوفيق العلمي والموضوعي بين ما هو أدبي، وبين ما هو صحفي، وكانت تلك رؤية الرمزين المثقفين: تريم عمران، وعبد الله عمران.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/8fjekv7b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"