مأزق قصقصة أجنحة الإبداع

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ألا ترى الوجه الهزلي في العنوان؟ كأن الإبداع في العالم العربي سوق ضاربة أطنابها سوى أن الحاسدين يكيدون للمبدعين كيداً. نعوذ بالله من شرّ حاسد إذا حسد، جعل الله في عنقه حبلاً من مسد.
قبل أن نتفق على ألاّ نتفق، ليس المقصود الإبداع في ما تعارفنا منذ قرون على أنه ليس من الإبداع ولا إليه، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء، وعوالم التقانات والذكاء الاصطناعي، وما تنتجه من عجائب الأسلحة ووسائط الاتصالات والمواصلات، وخوارق الخوارزميات والمعلوماتية وانعكاساتها على التنمية الاقتصادية والصحة والبنى التحتية والتجارة الدولية...
في دنيا العرب تركنا كل ذلك وبلغنا، من دون تصوف، أعلى مراتب العرفاء، التي تتحقق لهم فيها مقولتهم: «الإرادة هي ألاّ تفعل»، فيكون الوصول إلى المكانة العليا «الفناء في المشاهدة»، و«الاستغناء». على طريقة الفرنسيين: «اهبطوا من الغيوم فقد انتهى الحلم»، دعنا من تلك العلوم التي كان حريّاً بملياري مسلم ألاّ ينافسهم فيها أحد من العالمين. أوَ ليس الله خالق الكون والحياة بتلك الرباعية العلمية؟ سنقنع بقول شاعرنا: «والنفسُ راغبةٌ إذا رغّبتها.. وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنعُ».
لقد كان الفرنسيون في العصر الحديث أدنى طموحاً من قدمائنا الذين أوصوا بألاّ نقنع بما دون النجوم، وأغلبيتها تقع خارج السكة التبّانة. لا تظنّن أن القلم ملحاح في شأن العلوم الأربعة، ما يحزّ في النفس هو أن ما بقي من الإبداع قليل، وإلاّ فهل جنابك يتصوّر أن نصوص أكثرية الأغاني اليوم بدائع قرائح وروائع مواهب؟ مركبة الإبداع أمست كبغلة البهاء زهير: «تحسبها مدبرةً.. إن أقبلت مستعجلةْ». تعال وتأمل كلمات الأغاني أهي هبطت من الغيوم أم وقعت من مواقع النجوم؟ اطبع نص: «ليه يا بنفسج» لبيرم التونسي، واعجب للزخارف التشكيلية، هندسة عِماريّة بديعة. عجائب الزجل الغنائي فنون ساحرة، استمتع بالخيال الظريف في أغنية: «كعب الغزال» للشاعر الغنائي حسين السيد. حتى في مجال كتابة كلمات الأغاني باتت النجوم أقرب إلى أهل «العكّ والعلك».
لزوم ما يلزم: النتيجة التقزيميّة: انهارت ضوابط الإبداع لغياب الرقابة، صار الصغار كباراً فداسوا القيم الإبداعية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3ef78sdn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"